samedi 22 septembre 2012

" الأحمر" في " المهجر" !!!


1
يقول الأديب والناقد محمد المختار ولد اباه "صعب على من لم ير المحاظر أن يتصورها"[i]
وكم هي متعددة ـ كالمحاظرـ مكونات الثقافة الموريتانية التي يصعب على من لم يرها تصورها،  ومنها تلك الجامعات المتنقلة التي تخرج منها جهابذة شعراء وعلماء أتقياء ونقاد أفذاذ قارعوا باسم شنقيط / موريتانيا في أهيب المجالس وعنه نافحوا في أشهر النوادي وبه هتفوا في أكثر الأسواق رواجا؛ فكان ابن التلاميد التركزي ينقب مكتبات باريس ولندن والأندلس بأمر من السلطان العثماني عبد الحميد ويلقي ميميته الشهيرة في الموتمر الثامن للعلوم الشرقية باستكهولم[ii] بدعوة من الملك أسكار الثاني ملك السويد والنرويح أيامها...  وكان بن الأمين الشنقيطي يفاخر بأرض شنقيط وأهلها معتمدا على حافظته وينتقم لها ممن أنكرها ويعكف كذاك على الدرر ... وكان البيضاوي الشنقيطي يسامر فلوبير ويرثي ذوي الجهالة في تارودانت ومراكش ... وكان ذالك "البدوي... الهزيل ضعيف البنية ... ذو لحية مستديرة كثة عمرها ماعرفت مقصا ولاموسى.. ورأس منفوش .. هو المختار ولد حامدن الأديب الكبير والعالم الشهير في تلك الاصقاع."[iii] .. وكان تحفة الكتاب وأيقونه النقاد ومفخرة شنقيط جمال ولد الحسن ... وكان ... وكان...
ومن مظاهر تلك الثقافة المنسية ماقدم به محمد يوسف مقلد لقصة أول لقاء له مع ابن خلدون الثاني المختار بن حامدن في كتابه شعراء موريتانيا القدماء والمحدثون حيث يصف جماعة من الإخوان الموريتانيين .. يأكلون التمر والتشطار (لحم مقدد) في ذالك الحانوت الصغير (الندوة) الذي كانت تفوح منه رائحة امنيجة (التبغ) وتتراكم فيه أجربة الجلد (لمزاود) .. إلى آخر كلامه بتصرف... ومنها كذالك مربط فرس هذه الأسطر وبيت قصيدها 'الأحمر' وما ادراك ما 'الأحمر' ؟؟
2
يطلق 'مصطلح' 'الأحمر' بين أوساط الطلبة هنا في المغرب على الشاي الموريتاني .. فالأحمر إذن هو ذالك السائل الأحمر (أو الأصفر المشوب بحمرة) الذي يبهج النفس ويدخل السرور والغبطة على الأرواح وهي واجمة هادئة في مهادها، فما إن تلتقط الأذن ذلك الخرير الذي يحدثه الخيط الأحمر الرفيع الذي يشغل الفراغ الفاصل بين الإبريق والكأس حتى ينتشي صاحبها طربا ويتمايل نشوة كتمايل الصوفي في محرابه. وللموريتانيين مع الشاي قصة ذات شجون لايجمعها إيوان ولا يحصيها ديوان حتي تغنى به شاعرهم وغرد به بلبلهم وسارت به ركبانهم وتساجل فيه الشعراء وتقاول فيه العلماء؛ وعدوه من علامات الكرم واشترطوا له ثلاث "جيمات"... حتى قال شاعرهم وهو التجاني ولد باب العلوي:
الضيف دون الآتاي اليوم مكرمه      لـم يجـد شيئـا وإن جـلـت فـوائـده
ومن سقى ضيفـه الأتـاي أكرمـه        ولا يــعــاب وإن قــلــت مــوائــده
جرت بذا عـادة الأيـام واشتهـرت        والدهر لا بـد أن ترعـى عوائــده
وقال مغنيهم (شاعر شعبي) وهو الشاعر والأديب: عمر ولد حم الكنتي:

أتــاي أحن ذُ يجمــــعن    مخـــــــلاه أعلـــين غالِ
أو هو رفيق أنَّ نحــــن     في النـــــزول والترحالِ
وقد التحمت حياة الموريتانيين بالشاي التحاما وثيقا ومرت تاريخيا بعدة مراحل منها مرحلة الندرة حيث لايتوفر الشاي إلا عند الميسورين ويحظر شربه على النساء والاطفال وحتى المراهقين أحيانا حتى اشترطوا تقارب السن في جماعته وكرهوا غيره:
يا ويح للشاي لا تصفو مشاربه    لشاربـيـه لأن الـكـهـل شـاربــه
والطفـل شـاربـه مـنـا وشـاربـه    منا الذي هو ما إن طر شاربــه
ويقول الرئيس وأبو الموريتانيين المختار ولد داداه والذي أعتبره مظهرا من مظاهر الثقافة المطمورة في غياهب النسيان في مقطع طريف من مذكراته يصف فيه حظ أطفال زمانه من الأحمر :
"كان لي الحق في ورق الشاي المطبوخ ودقيق قوالب السكر... وكان بامكاني أن أضيف إلى أوراق الشاي المطبوخة دقيق السكر وآكلها مباشرة، أو أن أعد إبريقي من الشاي بصب الماء الساخن في الإبريق على أوراق الشاي المستخدمة وإضافة دقيق السكر. ولا يكون العصير الناتج عن هذه العملية مجرد ماء ساخن، لكنه لن يصبح كذلك شاياᵎ وبالفعل فإن أوراق الشاي قد جادت بكل طعمها ولونها خلال عمليات طبخها الأولى. وبما أن كمية الدقيق كانت في الغالب قليلة، فإن ما أشربه عبارة عن ماء فاتر قليل السكر. ومع ذالك فقد كنت مسرورا لأني أعد " شايي" مثل أخوالي ومثل غيرهم من الكبار"[iv]
3
وقد كنت مرة مع بعض الطلبة الجدد ـ وكلنا كنا جدد على المغرب ـ  أواخر عام 2009 في حي القامرة الشعبي بالرباط  عاصمة المملكة المغربية؛ كان يومها دوري في إعداد الشاي الذي تملي قواعد الطلبة أن يتم بالتناوب بعد كل وجبة، وكنت ـ ومازلت تحدثا بنعمة الجليل ـ ممن حباهم الله بحسن الصنعة. كان عدد الطلبة كبيرا نسبيا إذ يصل أحيانا إلى الأربعين وكان لابد أن أتحايل عليهم حتى أجد مخرجا وعذرا عند من لن يسعهم الإبريق بمافيه، فقلت لهم لن يشرب من شايي هذا إلا من قال "كافا" (بيت من الشعر الشعبي) أو "لغن" .. وياليتني ماقلتها ومااشترطت ذالك الشرط ᵎᵎ فإذا بالكل امغنيين وشعراء وكاد الابريق أن ينفد لولا أن البعض لم تسعفهم قرائحهم، وقد دونت بعض ماقيل واشترطت فيه شرطا دكتاتوريا أن لا أدون إلا ماذكر فيه اسمي بحجة الخوف من أن يتبناه غيري ( إلا في بعض الاستثناءات لحسنها لم استسغ إلا أن أدونها)؛ فكانت أمسية موريتانية بامتياز لم يمنعها بعد الشقة واختلاف المعالم وتغير وجه الارض من أن تتدثر بدثور موريتاني أصيل وشنقيطي بديع :
قال محمد ولد لمرابط :
كلن لغن ماابلغن    من الليف إل الياي
بسم الحيل إعود لغن    إتردين من أتــاي
فاستحق كأسا ... وقال أخرى فاستحق آخر :
زين أتايك وإل انقاس     تلحك مامن كاف
وآن محد الكاف كاس    اندور انتم ابكاف
وقال جد ولد البشير :
أتايك هذا اتكد    تشرط بالكفان
وآر كاسي محــد    كاف ذهُ عجلان
فاستحق كأسه .. وانتشى القاضي ولد سميدع طربا وقال:
شايك زيدان إبرك      والزمكه من مـــاه
زين والبدع إحرك    غير البداعه مــــــاه
فاستحق كأسا ... فثنى فثنينا له :
عدن لأتاي أنعمر     ومن اشروط فاشروط
كاف من المعن عمر   مولاه أجاب اشروط
فتمايل محمد محمود ولد سيدي عال وقد أثار ما سمع في نفسه مكنوناتها :
فالحك أتايك يزيدان      ماه معتاد أكسان
مايشربهم ماه وزان     بابيات ول كيفان
فاستحق كسابقيه عن جدارة كأسا ... لكنه زادنا فزدناه بدورنا :
زيدان أتايك يـون     حسين أذ ماه طاري
مان حاكم عن وزني  غير الوزن اعلي فاري
فتدخل المغني النح وكأن قطاره القادم من فاس تأخر قليلا وكاد أن يزري به ولم يمنعه "بكط أزواد" الذي يحمل في حقيبته من ان يشاركنا سمرنا فقال:
زيدان اليوم امخبر     عن نبغ فاجماعت
أغـن لبير إعمــــر      فأتـاي امع حكايت
وطبعا لم يعجب أتاي زيدان الجميع .. فالحسن نسبي كما يقال .. ولذالك علق محمد ولد مايمتس قائلا:
أتايك ذ لا تـــــغي      به إيل كديت
محدنو مااتثني     من ما كنـــديــــت
استغل محمد ثغرة عدم اشتراطنا غرضا بعينه  .. فاستحق كأسا فشربه على وقع ضحكات الجميع من "كافه" ..  ويبدو ان هناك من استغل ثغرة أخرى .. فقال لنا : أما أنا فلم يحضرني 'كاف' فاسمحولي أن استحل كأسا بتبريعه ....:
أتايك يزيدان      إذكرن موريتان
4
وبما أنني لم أكن ممن يحسن قرض الشعر ولاسبك القريض فقد فزعت بآمالي إلى الرجز لأستحل به شفاه ذالك الكأس فقلت :
لولا كؤوس شـــاينا ذي مترعة       بين أنامـــل هنا مفــرقعة
ورشــفة ساخنــة منعـــــنعه             لبقيت أدمغة في المعمعـه
وقد قصدت ماقلت وإن لم أحسن التعبير عنه. فعلا لولا كؤوس الأحمر تلك بعد الله لما تيسرت بعض من الامور كتعارف الشباب فيما بينهم ولم يكونوا قد تعارفو وقتها عن كثب، وتصنيفهم إلى مجموعات حسب جودة الكيفان، وقد كان ذالك المجلس لبنة تأسس عليها مابعدها من مجالس الشاي ولغن في بيوتات متفرقة من حي القامرة وفيما بعدها بعد أن علم كل طالب مشربه واتجه إليه. وقد قصدت بالانامل المفرقعة عادة كثيرا ما اعتدتها في انتظار نضج الإبريق واستوائه.
وكثيرا مااقترن الأحمر في الذهنية الشعبيه بالغن والشعر وأزوان والابداع الموزورن إجمالا، ولا أدل على ذلك من كم الاعجابات والتعليقات التي استقطبتها صورة نشرت حديثا على المواقع الإجتماعية للفنان الموريتاني سدوم ولد ايده يعد الأحمر تحت خيمة وهو محاط بآلته التقليدية... ومن منا لم ينتش طربا وهو يتابع حلقة بثتها التلفزة بمناسبة عيد من الاعياد يجيب فيها محمد ولد بوب جد عن سؤال لمحمد ولد اصوينع عن إنتاجه الشخصي حيث يقول " أنخت جملي على مشارف لعيون في ليلة مقمرة واضجعت على كثيب وقربت "تدنيتي" وقلت لغلام معي "عمّر" ... " وقد كان الابداع من الحيل التي يتوارى وراءها السكاكة ليتحاشو الطرد من المجلس فكانو كالندماء في مجالس الامراء يقول محمد بن الصوفي (اباي):
قـل للمسـكـك قــد تكفـيـك واحــدة        طول التسكك كالتعذيب في الجدث
لا تحسبن الكـؤوس الحمـر هينـة          بـل إنهـا صعبـة مـا نلن بالعـبــث
وقد التمس الموريتانيون العذر "للورقة" ايا كان نوعها المهم ان يعد بها الشاي إلى حين ميسرة ويقول قائلهم في ذاك وهو الحسن ولد ابا (المختار) الجكني:
إذا لم نجد إلا "النميلة" مشربا                  شربنا ولم نسمع مقالة ذي عذل
وإن وجد "المفتول" قلنا لنملـة                   مقالتها للنمل في سـورة النمــل
وقد رددت بزهو وغبطة على أحد أساتذتنا المغاربة بعبارة محمد المختار ولد اباه السابقة عندما حدثنا عن افتخاره بغزو الشاي المغربي لأزقة وشوارع  كاليفورنيا ونيويورك ... حيث تغازل نظرك لافتات كتب عليها "هنا الشاي والحريرة المغربية"، فقلت له: ومشايكم إلى جانب شاينا؟  ولو أن الموريتانيين رعوا الأحمر حق رعايته وأكرموه وأنزلوه منزلته لأكلو من فوقهم ومن تحت أرجلهم .. ولكن ذالك الزهو بدأ يخبو شيئا فشيئا فقد تذكرت أن الأحمر ماهو إلا رمز من رموز تلك الحضارة المنسية ولا أستبعد أن يخرج علينا يوما خارج فيحصر سبب تأخرنا وفقرنا في تلك الكؤوس الثلاث المترعة...   














تم تنسيق الأبيات: بالتعاون مع الشاعر والمغني يحظيه ولد محمد عالى ببات


[i]   الشعر والشعراء في موريتانيا ص. 28
[ii]    يقال إنه لم يسافر لشروط إشترطها لم تعجب السلطان.
[iii]   يوسف مقلد نقلا عن طه الحاجري، دراسات وصور من تاريخ الحياة الأدبية في المغرب العربي، ص: 450
[iv]   موريتانيا على درب التحديات، ص: 45

mercredi 2 mai 2012

شكرا بيرامه ... شكرا إيرا !!!


لايسعني في هذا المقام إلا أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الإمتنان لرئيس حركة إيرا الحقوقية السيد بيرام ولد الداه ولد أعبيدي ... فقد أسيل الكثير من الحبر وسودت اوراق وملأت صفحات المواقع الإجتماعية بالتنديد بما قامت به الحركة ذات التوجه العنصري من إحراق لبعض كتب المذهب المالكي في مقاطعة الرياض يوم أمس الجمعة، في حين أني لا أرى في الخطوة إلا مجموعة من المنح الإلهية تتساقط من حيث لم ندر ولم نحتسب والتي تستحق عليها حركة إيرا ممثلة في رئيسها الشكر بدل التنديد .. فشكرا للحركة التي دقت مسامير نعشها بيدها واراحت الآخرين من دقها وكشفت للعالمين عن حقيقتها ولم تكلفنا الدخول في جدالات حول شرعية مطالبها و سلامة مصادر دعمها... وقد كشفت ردود الفعل على ماقامت به الحركة من التطاول على مسلمات الشعب الموريتاني والجراءة المبطنة بالشرعية المزيفة عن بعض الأمور التي كان يحجبها عن أنظار المكابرين حجاب رفيع، وبعد أن أقدمت الحركة على ماأقدمت عليه فقد وجب علينا شكرها على أمور منها:
أولا: ينبغي أن نشكر حركة إيرا ورئيسها بيرامه على كشف استهتار حكومتنا الوطنية بمقدسات البلد. كان من المفروض أن تتخذ الحكومة إجراءات صارمة لوقف برامه وحركته عند حدهما وكما عاقبت من استهزأ بالعلم الوطني من الطلبة الزنوج وهو إجراء له مايبرره ولكن كما أن العلم هو رمز وحدة البلد ومصان بمواد الدستور الوطني، فإن أمهاة كتب المذهب هي الأخرى رمز من رموز الوطن حمله الشناقطة معهم نظما ونثرا أينما حلوا وأينما ارتحلوا، كما أنها كانت عاملا من عوامل وحدة سكان المنكب البرزخي بأبيضهم وأسودهم .. هذا فضلا عن ماورد في التعاليم الشرعية من المطالبة بصيانتها وإكرامها.. كما أن المذهب المالكي يعتبر جزءا من هوية الدولة الدينية والإساءة إليه هي إساءة إلى هوية الدولة وقدح في رمز من رموز سيادتها فكثيرا مااهتم الشناقطة ـ وذاك جهد لاينكره إلا مكابرـ بالمذهب المالكي نظما وشرحا وتدريسا واختصارا وكم من مرة يتناهى إلى اسماعنا بحث علمي أو ندوة عالمية عنوانها "إسهامات الشناقطة في المذهب المالكي" .. ينبغي للحكومة أن تحمي بالقانون أي مساس برمز من الرموز الدينية كمذهب مالك أو قراءة ورش مثلا... وقد جائني أثناء كتابة هذه السطور أن الشرطة تعتقل بيرام وهي خطوة متوقعة بعد ما قابل به رئيس الجمهورية الجموع التي حركها الغضب اليوم من الجامع الكبير غيرة على موروثها الثقافي من وعود بإرضاءها ... ولكن توقيف بيرام أوغيره لايكفي لردع متهور الأموال الأروبية. نريد موادا دستورية تمنع المساس بالمقدسات الدينية منعا باتا وتعاقب مرتكبه كما يعاقب من تطاول على محمد عبد الوهاب في المملكة السعودية أو تكلم في أحد رموز الشيعة في الجمهورية الإيرانية.
ثانيا : ينبغي أن نشكر بيرام وحركته على الموقف المحرج الذي وضعت فيه الحزب الاسلامي تواصل. لقد اشرأبت الأعناق بعد الحادثة مباشرة إلى حزب تواصل ومنافذه الإعلامية منتظرة رد فعله وليس ذالك لأن حزب تواصل هو الوحيد الذي يجاهر ويتبنى خلفية إسلامية كمبدأ من مبادئه ومنطلق من منطلقاته، بل لأن ابواغ تواصل الإعلامية كانت من أكثر المنابر ترحيبا بكل مايعزى لبيرامه، وتابعت بكل حفاوة خرجاته الإعلامية وجعلت منهم مالكوم إكس وابراهام لنكولن القرن الواحد والعشرين محرر العبيد ولم يخف على أي من قراء المواقع والصحف التي تحسب على ذالك التيارالهالة التي كانت تحيط بها أي خبر متعلق ببيرامه أو إيراه. والغريب أن بيرام لم يستعطف يوما التيار الإسلامي ولم يحترم شعوره، ينهال مرة على الشيخ المرحوم بداه ولد البصيري بالشتم ومرات على الأب الروحي الشيخ محمد الحسن ولد الددو، كما صرح في أكثر من مرة بمواقف صريحة في دعم إسرائيل والتي كانت ولاتزال القضية الأولى للإسلاميين عامة ولتواصل خاصة. ولم تتوقف به غطرسته وعنجهيته عند ذالك الحد حتى عمد إلى حرق أمهات المذهب في تحد سافر لمن أنزلوه بإعلامهم منزلة ماكان يحلم بها .. واستغلالا ربما للجدال الدائر بين الأصوليين والفروعيين والذي كثيرا مااستثارته البيانات الرسمية للحزب وآخرها بيان التنديد الصادر اليوم. المقصود أن مواقف تواصل من بيرام وحركته ـ أقول بيرام وحركته ولا أقول العبودية ـ كانت دائما غير مبررة ولطالما شكلت نقاط ضعف يؤتى من قبلها الحزب. ولقد كان تواصل سباقا إلى التنديد بالعمل المشين يوم أمس في خطوة تذكر له فتشكر وتتوقع منه اكثر من غيره ..
ثالثا : ينبغي أن نشكر بيرام على إجلائه اللبس بتصرفاته للعامة عن البون الشاسع بين المطالبة بحق مشروع كإلغاء العبودية وإستغلال التنوع الثقافي لإذكاء نعرات عنصرية يتكسب منها البعض ويعيش عليها. إن العبودية التي حارب من أجلها رجال قبل أن يبلغ بيرام الحلم تقلصت بشكل كبير في موريتانيا بعد قراري إلقاء الرق 1981 تجريم العبودية 2007 وكان لمرابط محمد سالم ولد عدود والذي لم يسلم هو الآخر من سهام إيرا الغادرة هو أول العلماء دعما لألغاء الرق في موريتانيا أيام محمد خونه ولد هيداله. والإسلام الذي يتشدق بيرام بمهاجمته كان ومازال من أكبر الداعمين بتعاليمه الدينية وتشريعاته المحكمة إلى التحرر ولا يحتاج ذالك إلى أدلة. إن عبارة محاربة العبودية والتي يتكسب منها بيرام بسخاء من أروبا ـ وما قصة إيفانا داما الإيطالية منا ببعيد ـ رددتها حناجر أكبر من بيرامه ـ ولم تصل من الغطرسة ماوصل إليه ـ  كمسعود ولد بلخير والساموري ولد بي وآخرون ومنظمات كحركة الحر ونجدة العبيد واليساريين في السبعينات والثمانيات والحكومات المتعاقبة منذ بداية الثمانيات والحقوقيون وذوا الضمائر الحية ... وليس خطابها بالجديد، ولكن مايذكر لبيرامه ويشكر له هو تهوره. لم يعد اليوم يخفى على أحد أن إيرا ليست أكثر من حركة عنصرية تدعمها قوى غربية بسخاء هدفها تفرقة المجتمع ولا أدل على ذالك من سلسلة الإستقالات المتتالية التي شهدتها الحركة مؤخرا وتمسكها في خطاباتها بالدفاع عن حقوق شريحة واحدة من اربع شرائح على الأقل تكون فسيفساء المجتمع الموريتاني.  
رابعا شكرا لبيرامه.. فهاهم الموريتانييون اليوم بأسودهم وأبيضهم كبيرهم وصغيرهم بيساريهم وإسلاميهم وقوميهم وبعثيهم موالاة ومعارضة حكومة وشعبا يتحدون ويتفقون على التنديد بالعمل المشين والغيرة على مقدسات العباد والبلاد .. ولو بت الليلة كلها أسرد المنح الربانية من التهورات البيرامية لما أحصيتها وحسبي قوله تعالى "فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" صدق الله العظيم ..


vendredi 18 novembre 2011

عيد بنكهة المعاناة ...!! ( صور

في حين يعيش معظم المسلمين هذه الأيام أجواء عيد الأضحى المبارك السعيدة ... في حين يلبس الصغار ملابسهم الجديدة وتعلو وجوههم الفرحة وهم يدقون الأبواب طلبا "لمديونه" ... في حين يطبع جو التسامح والصفح وتبادل التحايا سلوك أغلب الأسر في هذا اليوم المبارك ...في حين يغادر حجاج بيت الله الميامين جبل عرفات متجهين إلى مزدلفة وتغمرهم روحانية تلك المشاعر وتتنزل عليهم رحمات ربهم ... في حين يصدح أئمة المسلمين فوق المنابر بأفضلية عشر ذي الحجة ومواصفات شاة التضحية ويحثون المصلين على التحلي بالاخلاق الحميدة ... كان هناك من لم يجد طعما لكل هذا ... كان هناك من يعاني  ..!!!
في غمرة الإنشغال بفرحة العيد، خالفت أسراب من "قواتنا الباسلة" إلى بيوت وأكواخ أنشغل أهلها مابين مفكر من أين يؤمن لأولاده ملابس العيد وعاكف على العبادة لتحصيل أكبر قدر من الثواب في هذه العشر، لتعيث فيها فسادا وتدمرها  في تحد صارخ لقوانين البشرية ونواميس الكون. وقد تميز العيد في هذه الأحياء بالحزن ولبس الناس للسواد ـ نفسيا ـ حدادا على ما أفسد المتحدثون باسم الوكن من أموال مواطنيهم.  
    
 فقد أمضى صاحب هذا البيت (الصورة) الكثير من وقته ـ على حساب تحصيل قوته وقوت عياله ـ في طوابير أمام مباني المقاطعة والبلدية للحصول على إذن قانوني للبناء، وقد حصل عليه مقابل 6000 أوقية. لكن ذالك لم يشفع له. 
وفي صباح ذالك اليوم المشؤوم (أقصد اليوم المبارك إذ كان من عشر ذي الحجة ) أنطلق ذالك المواطن المسكين إلى عمله، وانطلقت زوجته إلى السوق الشعبي لشراء ماتسمح به تلك الاواق التي ترك لها من لحم وخضار لإعداد وجبة غدائها. ولكن هدوء ذالك اليوم وروتينيته لم يستمرا، ولم ينتظر غبار الهدم أن تستريح ربة البيت بعد مشقة أختراق الكثبان حتى بشرها بما فعل "حماة الوطن"... 


 من سذاجة قواتنا الباسلة أنها تسمح للمواطن بالسكن ولكنه إذا اتخذ مراحيضا لتساعده على السكن الذي هو شرط في امتلاك بقعة الارض تهدمها ... كما كان مصير هذه المراحيض التي بنيت في بقعة لاتعاني من أي مشاكل مما يبرر به عادة الحاكم أفعال رسله المدججين ... وقد حوقلت صاحبة هذه المراحيض وحمدت الله وأثنت عليه (مسيرة لا مخيرة) عندما قارنت مصابها بمصاب جيرانها ..




وقد تختلف أسباب الهدم وأوقاته وردود الفعل تجاهه .. وقد يختلف وقع الخسارة من مواطن لآخر حسب حجم الخسارة ومقام الخاسر .. ولكن مالايختلف هو أن هذه منشآت مواطنين بذلوا فيها الغالي والنفيس وأنه لاشريعة سماوية ولاقانونا وضعيا يجيز مثل هذه التصرفات ... وأنه من مأمنه يأتى الحذر ... 





 

samedi 2 juillet 2011

The Dilemma of Identity … An Introduction


           The question of identity is, nowadays, one of the most problematic issues. Recently, it became one of the main purposes of academia in general. The issue of identity engendered and was the reason behind the appearance and spread of many studies and departments around the world. Yet, the problem is still unresolved and many questions are still on the surface such as:

- Who are we? What are we?

- On what basis / by means of what criterion one identifies him/herself?

- Who is the other? .... and so on and so forth.


Starting from the assumption that one cannot, to some extent, identifies him/herself, the majority of recent studies concentrated on the last question of the early mentioned ones. However, the issue of “who is the other” represented and still represents the main aspect of post-colonial studies, the main theme of postcolonial literatures, and the main issue discussed inside media studios.

Through taking many shapes, the issue of identity has been discussed and studied by many theorists and intellectuals during the last half of the 20th century. Edward Said alongside with Homi Bhabha and Spivak are considered as the main leading figures of theories dealing with the issue. As a result, many thinkers, analysts and literary icons as well as a long list of jargons, concepts and publications are, today, studied in numerous departments established around the world, mainly during and after 1980s, for the same goal.

The question of the “fact” of identity is inquired as early as the appearance of Man; when, according to the bible, the sons of Adam fought and Cain killed Abel to win his twin sister. Cain was trying to emphasize his identity by getting the most beautiful one of the two ladies then existed. The early appearance of fighting empires, each one seeking dominance over the other around the Mediterranean sea, was one of the incidents that problematized the issue of identity and its relation to power in all its guises race, class and main importantly religion. Afterwards, religion was the reason, or let’s say the explicit reason, behind the conquest of the “Dark Continents” by western missionaries to enlighten the “Fine Animals” as Joseph Conrad named them in his Heart of Darkness. The rise and the spread of the British Empire was, arguably, the strongest adoption of the trinity gender, race and class as norms by means of which one is distinguished and identified not only between the west and the rest, but also within the western society itself. Quick examples of that are the exclusion of United States, Australia and Northern Ireland from the post-colonial countries list by means of race and economy; as well as the superiority of the white man, in the popular mentality, over the white women, the white woman over the black man, and the black man over the black woman and so on.

During the colonization of the 19th and 20th centuries, many theorists raised again the matter of identity on the light of the status quo. The colonization of southern Asia and the scramble of Africa between western forces mainly the two, then, powerful ones France and Britain, represent another field which will be the engine of later on studies on identity including Marxist, Feminist and Orientalist studies. One of the main objects of such studies is to problematize the concepts and jargons including the triology of “race”, “gender” and “class” and trying as well, to answer such question as:

- What is gender? And who determines one’s gender? Is it biological or constructed?
- What is race? And who is allowed to construct racial dimensions?
- What is class? And on what basis society is divided into classes?

And the most important question:

- Are they all enough to determine one’s identity?

As a result of these studies, theorists came with the following:

Since “gender” is not biological, as Simone de Beauvoir clarified, but rather, socially constructed by means of religious, economic, and social powers; and “class” and “race” are also conventional, for there is neither one “blackness” nor one “whiteness”, identity then itself, is constructed and formed.

Edward Said’s Orientalism as well as Bhabha’s theories of Hybridity and Third Space, Spivak’s notion of Subaltern and Marx Das Kapital are all, alongside with other literary writings by Chinua Achebe, Ngugi Wa Thingo, Hanif Kureishi, Virginia Woolf, Selman Rushdie ... etc, considered as reactions to the western construction of Identities.

According to Said, in his analysis of the post-colonial situation, the interaction of identities is untenable, and the characteristics of each one are different from the characteristics of the other. The same standpoint is maybe, tacitly, supported by Bernard Lewis and his pupil Samuel Hantington when it comes to religious, mainly Islamic, and non-religious identities. Whereas for Bhabha, the fusion of identities yields blur states of “neither in nor out”, “ white but not quite” and so on and so forth.

To be continued …

jeudi 9 juin 2011

موريتانيا والقاعدة .. جذور الأزمة ومستقبل الصراع !!

مقال تحليلي للكاتب : سيد أحمد ولد باب
 
لم تكد تخرج البلاد من ألفيتها الثانية وماعاشته من ويلات الجفاف ونزعات الانفصال ومخاض السلطة حتى كان شبح العنف السياسي قد أخذ مجراه في النفوس مدفوعا بنزعة دينية لدي أغلب الشبان المحسوبين علي التيار السلفي وانتقامية لدي مجمل الأطفال المتخرجين من مدرسة الشارع أو المعروفين محليا ب"جينكات" خصوصا من طبقة الأرقاء السابقين أو بعض المنسوبين للزنوج.
ومع مطلع العقد الأول من الألفية الجديدة بدت الدولة غائبة عن ساحة المواجهة الفعلية منشغلة بالصراع الناجم عن سنوات العنف السياسي بعد سنين من الدكتاتورية القاتلة والتي كانت آخر أيام الرئيس المخلوع معاوية ولد الطايع تتويجا لها بما عرفته من اعتقالات وانقلابات وجراح وتهجير .
ورغم الحرب الإعلامية الشرسة التي شنها النظام ضد كل مظاهر التدين في البلاد فقد زاد الخطاب الديني في المساجد وعاد المئات من الشبان الموريتانيين إلي هويتهم الإسلامية الضائعة مدفوعين بأخطاء الماضي لكن هذه المرة إلي ساحة دينية غير منضبطة مع قليل من الزاد العلمي وسط موجة من دعاة التشدد كان أغلب روادها وموجهيها من خارج البلاد مستفيدين من الإنترنت والتلفزيونات لتوصيل خطابهم إلي الشارع الموريتاني كغيره من الدول العربية دون صورة واضحة عن اكراهات الواقع الذي يعيشه أو التحديات المختلفة للمرسل والمتلقي علي حد سواء.
ومع دخول البلاد لألفيتها الثالثة كانت نخب البلاد الشابة حائرة بين موجة تغريب تحتضر علي الأقل في الشارع وموجة تدين باتت تري في كل مكان ملهبة حماس الشباب ومغذية النزعة التحررية لدي جيل أغلب رواده من سكان البدو حديثي العهد بالمدينة.
وفي سنة 2001 شكلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر ومجازر الاحتلال في جنين ورام الله،والحرب الدامية في أفغانستان كلها نذر تحول كبير في المنطقة المغاربية عموما وموريتانيا خصوصا وكانت أناشيد الجهاد القادمة من دول الخليج تحديدا قد بدأت تعيد الاهتمام لدي الشباب بقضايا المسلمين وتدفع الجيل السلفي الجديد إلي أخذ دوره في مسيرة رفض ممتدة من أفغانستان شرقا إلي جبال الجزائر غربا بعد أن استطاعت مجموعات العنف المحصورة في الصحراء الجزائرية تجديد شبابها وإعادة إنتاج خطابها من خلال ارتباط عقائدي وتنظيمي في وقت لاحق بالقاعدة التي مثلت النموذج الأهم لدي تلك المجموعات الشبابية في مقاومة المحتل ومناهضة الحكام كما تشي بذلك أدبيات الجهاديين مستفيدين في الوقت ذاته من أخطاء محتل تتضاعف ومظالم في الداخل تثقل كاهل الشارع العربي دون حل.
بوادر التحول
لم تكن أولي المقاهي التي فتحت في العاصمة نواكشوط  (الريان ، كيهيدي، سبير دليل..) مجرد محلات تجارية أو نوادي تسلية بل كانت علي النقيض بوابة لعبور نفسي لعدد من الشبان المتعلقين بالجماعات السلفية المقاتلة في أفغانستان ومحطة من محطات الدار الأخرى..
فكانت قصائد الشعر والمقالات الحماسية تملأ منتديات الإنترنت من قبل العديد من الشبان الموريتانيين لعل أبرزهم ساعاتها "عبد الملك ولد سيدي" الذي كان طالبا بالمعهد السعودي قبل إغلاقه وناشطا في جمعية إحياء السنة التي أسسها عدد من مشاييخ التيار السلفي بنواكشوط وكان التواصل قائما بين المجموعات الفتية من مقاتلي القاعدة حاليا والقيادة المتمركزة في جبال أفغانستان..
حمل العديد من الشباب الموريتانيين أفكارا بالغة الخطورة علي الوحدة العقائدية للشعب الموريتاني –كما يقول مناوؤوهم داخل الساحة- ،وانتشرت مجموعات داخل المساجد في مقاطعات "الميناء" و"دار النعيم" و"تفرغ زينه" وبدأت مظاهر الخروج علي القانون تلاحظ بقوة من قبل رواد تلك المساجد..
شكلت الكلمات القصيرة بعد الصلوات الخمس أبرز أجندة تلك المجموعات،واحتلت العقيدة ونواقضها أهم مواعظ الشبان الجدد ،ولم يسلم بعض الشيوخ والمتصوفين من ردات فعل غير محسوبة وصلت حد قطع "التمائم" في الشارع والطرد من الصفوف الأمامية كما حصل في "غزوة دار النعيم" التي قادها "حمادة ولد محمد خيرو" وثلاث من رفاقه لتحرير أحد المساجد ممن أسموه بالمبتدعة قبل أن ينتهي بهم المطاف في أحضان مفوضية الشرطة بالمقاطعة بتهمة ممارسة العنف داخل المسجد وتكدير صفو المصلين والإساءة لرواد بيوت الله..
لكن الأمور تطورت بعد ذلك بعد أن تمكنت مجموعات غير قليلة من المغادرة إلي أفغانستان" عن طريق العربية السعودية أو بعض الدول الإفريقية للالتحاق بمقاتلي القاعدة ولعل أبرزهم هو "أحمد ولد عبد العزيز" و"محفوظ ولد الوالد" (غادر من السودان مع رئيس التنظيم أسامة بن لادن وربما يكون معتقلا بطهران) و "أحمد مزيد ولد عبد الحق (غادر من السعودية وعاد إلي موريتانيا بعد ذلك حيث خضع للاعتقال والتعذيب قبل أن يقرر الانفصال عن الجماعة)،و"النعمان" الذي استشهد في احدي المواجهات العسكرية بمناطق "الأوزبك" وآخرون..
ومع دخول البلاد منتصف العقد الأول من ألفيتها الجديدة كانت عناصر التيار السلفي قد بدأت تعد العدة لإنشاء تنظيم دعوي في البلاد لاحتضان الطاقات الشبابية المتسربة وإعداد الكوادر للجهاد في أفغانستان والعراق مستفيدين من دعم مالي سخي من بعض التنظيمات والجمعيات الخيرية بالمشرق أو هكذا قال قادة التنظيم لاحقا في أمام ضباط الشرطة بعد اكراهات نفسية وبدنية عاشوها إبان الاعتقال.
شكل السلفيون الجدد أولي التنظيمات التي عرفتها الساحة السلفية في موريتانيا بعد سنوات من التشكل تحت مسمي "الجماعة السلفية الموريتانية للدعوة والجهاد" وسمي أحد أساتذة اللغة العربية أميرا لها بعيد عودته من العربية السعودية – كما تقول محاضر التحقيق المعدة من قبل الشرطة سنة 2005 - وأختير "عبد الملك ولد سيدي" مسؤولا عن التجنيد في الجماعة مع تفريغه من أي أعمال أخري مقابل مبلغ مالي قدره 100 ألف أوقية لمساعدته علي تدبير شؤونه الخاصة ،بينما تولي "أحمد القلقمي"(مطارد حاليا) مسؤولية التنظيم وتأمين المعلومات وقيادة مجموعة من الخلايا التابعة للتنظيم بمساعدة من أحد نشطاء الجماعة ممن أدين لاحقا بتهمة الإنتماء للقاعدة والتدريب داخل معسكراتها لمدة ثلاث سنوات، كما برز اسم المعتقل الحالي بسجون نواكشوط التقي ولد يوسف كأحد ألمع نجوم الشباب السلفي قبل اعتقاله في "النيجر" حيث يخضع حاليا للتحقيق من قبل قاضي مختص في قضايا الإرهاب..
عاش التنظيم أحلي فتراته في الفترة مابين 2004 إلي 2005 قبل أن تبدأ اعتقالات واسعة في صفوفه اثر إلقاء الشرطة القبض علي سبعة شبان كانوا يستعدون لمغادرة الأراضي الموريتانية إلي العراق بعيد تسرب أخبارهم لدي دوائر اجتماعية مقربة من بعضهم ولعل أبرزهم :
1- القيادي بالتنظيم حاليا حماده ولد محمد خيرو
2- الخديم ولد السمان
3- سيدي ولد حبت
ولم تلبث أوراق التنظيم السلفي الجديد أن انكشفت أمام ضغط الأجهزة الأمنية وتعذيب العناصر المكلفة بالتحقيق في ظل غياب سند حقوقي للمعتقلين ليكون رئيس التنظيم المفترض محفوظ ولد ادوم من أوائل المعتقلين مع مستشاره مزيد ولد عبد الحق ومجموعة من الفقهاء السلفيين لعل أبرزهم هو :
عبد الله ولد أمنيو
أبو بكر ولد عبد الرحمن
أحمد مزيد ولد عبد الحق
بينما استطاع العشرات من الشبان المنتمين للحركة الجديدة الفرار من قبضة الشرطة والخروج إلي وجهات متعددة لعل أبرزها صحراء مالي حيث معاقل الجماعة السلفية للدعوة والقتال المحظورة في الجزائر وهي الرحلة التي كانت بمثابة تحول بارز وتاريخي في حياة التنظيم واحدي محطات التأسيس للعنف السياسي المتدثر بعبائة الدين بموريتانيا..
مواجهة مثيرة
مع بداية مايو 2005 كانت الحكومة الموريتانية بقيادة الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع قد دخلت في مواجهة مفتوحة مع الجماعات الإسلامية المسلحة بعد سنوات من اختبار الصبر المتبادل لتكون عملية "لمغيطي" بمثابة رصاصة الرحمة علي أي جهد داخلي أو خارجي من شانه نزع فتيل الأزمة أو تجنيب الطرفين حربا كان من المفترض أن تتأجل لبعض الوقت بحكم التحديات المشتركة وغياب أي مبرر للصدام المبكر..
استغلت الجماعة السلفية للدعوة والقتال غفلة الجيش الموريتاني عن حدوده الشرقية والشمالية لتوجيه ضربة قاسية لأجهزة الدولة انتقاما لما أسمتهم بالمجاهدين الأسري في سجون نواكشوط مخلفة 15 قتيلا من عناصر الجيش و32 جريحا بعضهم بإعاقة دائمة وصدمة داخل الشارع الموريتاني الذي اكتشف فجأة دموية التنظيم وجرأته علي استباحة دماء الآمنين ولو كانوا من أبناء الجيش البعيدين ساعتها عن الصراع السياسي.
ردت نواكشوط بقبضة أمنية قوية في الداخل وأرخت العنان لضباط وعناصر الشرطة لممارسة أبشع صنوف التعذيب داخل الزنازن والمعتقلات وتساقط عناصر الجماعة السلفية في الداخل واحدا تلو الآخر تحت الضغط الأمني أو الغباء التنظيمي بعد أن لعبت الهواتف لعبتها في اعتقال العشرات منهم بينهم مجندون كانوا ينوون الالتحاق بالتنظيم في صحراء مالي قبل أن يسقطوا في أيدي الأجهزة الأمنية المنتفضة في وجه التنظيم بعد أن مرغ أنوف عناصر الجيش في صحراء وجبال "لمغيطي" كما يقول ناشطوه ..
شكلت الحادثة بذاتها ضربة قوية ليست للجيش فحسب بل للجماعة التي تم الفصل بين جناحيها ، جناح الشيوخ بما يمثلونه من رمزية وقيمة علمية للحركة بقيادة احمد مزيد ولد عبد الحق ،محفوظ ولد ادوم،سيد أحمد ولد زاروق الملقب الشاعر ، وأستاذ الحديث بالمعهد السعودي أحمد،وأستاذ العقيدة بنفس المعهد سابقا أبو بكر ولد عبد الرحمن ،وجناح الشباب المتأثر بالجماعة السلفية للدعوة والقتال والذي ذاق أغلب عناصره ويلات التعذيب داخل المعتقل واصطدم بضعف القيادة أمام أول اختبار لها في مواجهة الأجهزة الأمنية.
ومع وصول قادة المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية الحاكم سابقا إلي السلطة بدأت الحكومة التي قادها الوزير الأول سيدي محمد ولد بوبكر في تأسيس جدي للفصل بين الجماعات الإسلامية العاملة في موريتانيا من خلال عزلها للمعتقلين السلفيين عن معتقلي الأخوان وجماعة التبليغ مستندة علي رأى القائد العسكري للحرس الرئاسي محمد ولد عبد العزيز الذي أبلغ ذويهم بنفسه معارضة المجلس لأى صفقة من شانها استفادة المعنيين من حرية ولو مؤقتة قائلا إنه مقتنع بانخراطهم في مخطط تدميري ضد البلاد وعلاقاتهم بالجماعة السلفية للدعوة والقتال طالبا من حكومة المجلس مواصلة حربها ضد عناصر التنظيم داخل وخارج موريتانيا.
ومع دخول البلاد أجواء الانتخابات النيابية والبلدية تراخت القبضة الأمنية في موريتانيا واستفاد التنظيم من أجواء الانفتاح التي عاشتها البلاد،وعاد عدد من عناصره الفارين للقيام بأدوار جديدة لعل أهمها هو إعادة تشكيل الخارطة السلفية في موريتانيا وتجنيد أكبر عدد ممكن من الشباب الرافضين للواقع القائم.
تولي الثلاثي عبد الرحيم أنواجري ،وعبد الملك ولد سيدي،والتقي ولد يوسف إعادة ترتيب المشهد مستعينين بالخديم ولد السمان العائد بعد رحلة فرار قادته إلي السينغال وجمهورية مالي ،ومحمد الأمين المجلسي ذو الخلفية الشرعية الذي كان يستغل مساجد مقاطعة "لكصر" لتوضيح بعض المعتقدات السلفية وشكل عاملا مهما في إعادة الثقة بالمجموعة الشابة التي انفصلت نهائيا عن القيادة وباتت تتهمها بالتخاذل والرضوخ للسلطان الكافر تحت ضغط السجن بعد صدور آراء ومقابلات وتصريحات عن المجموعة المعتقلة تحرم الخروج علي السلطان بالسلاح وتؤمن بعدم مشروعية قتال عناصر الجيش.
شكلت الساحة السلفية تربة خصبة للتجنيد وبات القائد العسكري الجزائري الآخر "يحي أجوادي" لديه أتباعه من الموريتانيين بالتوازي مع تحركات القائد السلفي الآخر "بالمختار الملقب بالعور" وهو ما كانت له نتائج سلبية بالغة علي عمل التنظيم حيث عمل الطرفان علي توتير الأجواء بسرعة لإعادة ضبط المشهد من خلال عمليات القتل التي قامت بها مجموعة "الجوادي" ضد العسكريين الثلاثة قرب "الغلاوية" بينما كانوا في عملية استطلاعية يجريها الجيش باستمرار في المنطقة لتأمين بعض العاملين الغربيين في شركات التنقيب وهي العملية التي يعتقد آن "ولد أحمدناه" ورفاقه المعتقلين حاليا تولوا وزرها بعيد اعترافهم بذلك أمام العناصر الأمنية التي تولت التحقيق في الملف.
كما لم تتأخر ردة فعل المجموعة المحسوبة علي "بالعور" في لفت الانتباه إلي نشاطها من خلال عملية اغتيال نفذها ثلاثة من المنتمين إلي مجموعته قرب مدينة "الاق" في الرابع والعشرين من دجمبر 2008 قبل أن يتبين أن سيدي ولد سيدينا ومحمد ولد شبرنو ومعروف ولد الهيبه كانوا هم الجنود الثلاثة الذين اعتمدت عليهم القاعدة في عمليتها التي أثرت في المشهد الداخلي وأعادت رسم توازن السلطة بين الجيش والرئيس المدني سيدي محمد ولد الشيخ بعد الله الذي كان يميل إلي التهدئة مع التنظيم وفتح قنوات حوار معه من خلال مجموعة "القيادة" سابقا التي باتت معزولة فعليا عن ما يخطط له داخل أو خارج البلاد من عمليات وخطط مستقبلية.
نجحت السلطة في اعتقال المجموعة بتعاون دولي قادته فرنسا الجريحة ،واعتقلت بعدهم العشرات من منتسبي التنظيم أو المتعاطفين معه وشددت قبضتها الأمنية علي الحدود البرية لموريتانيا ،لكن ظلت خيوط اللعبة الخارجية غائبة وظلت المعلومات المتوفرة عن نوايا التنظيم شحيحة رغم الجهود التي بذلتها السلطات الأمنية لاختراق الجماعة السلفية للدعوة والقتال..
وفي سنة 2009 عادت الجماعة السلفية لتضرب بقوة لكن هذه المرة داخل العاصمة نواكشوط بعد أن استطاع بعض الشبان المتسللين عن طريق المنافذ الشمالية لموريتانيا العبث بأعصاب الأجهزة الأمنية بعد قيامهم بعمليات نوعية كضرب السفارة العبرية بنواكشوط ليلا واعتراض أموال "الميناء" مساء ،وتهريب سيدي ولد سيدينا ضحي من قصر العدالة واغتيال ضابط وجرح تسعة من عناصر الشرطة في مواجهات استمرت لدقائق بأحد أحياء العاصمة تفرغ زينه قبل أن ينجح عدد من المشرفين علي العمليات في المغادرة مستفيدين من حالة الإرباك القائمة داخل أجهزة الدولة وغياب أي معلومات أصلا عن تواجدهم علي الأراضي الموريتانية قبل المواجهات الدامية مع الأمن ولعل أهم المغادرين بعد المواجهات هم الرباعي :
1- الطيب ولد سيدي عالي
2- عبد الرحمن النواجري
3- التقي ولد يوسف
4- عبد المالك ولد سيدي
وقد أدي تردد البعض الآخر في سقوط عناصر الخلية التي نفذت العملية مابين قتيل أو أسير لدي الأجهزة الأمنية وهم :
1- أحمد ولد الراظي (قتل)
2- موسي ولد اندي (قتل)
3- الخديم ولد السمان (اعتقل)4
4- معروف ولد الهيبه (اعتقل)5
5- سيدي ولد سيدينا (اعتقل)
6- محمد ولد السمان (اعتقل)
7- دحود ولد السبتي(اعتقل)
8- محمد الأمين المجلسي (اعتقل)
9- أبو البتار (اعتقل)
لكن الحكومة الموريتانية المنتشية بنجاحها النسبي في مواجهة مجموعة القاعدة المرتبطة بالجزائري "بالعور" تجاهلت مخاطر ضربة محتملة عود فرع التنظيم الآخر عليها أنصاره ومتابعوه للفت الانتباه إليه وإعادة الإيحاء بقوته في أي مواجهة محتملة مع جيوش المنطقة لتكون "مجزرة تورين" اقوي وأصعب ضربة يواجهها الجيش بعد عملية "لمغيطي" الأولي بعد أن سقط 11 جنديا في كمين نصبه مقاتلوا التنظيم وتم قطع رؤوس الجميع ودفنهم في رمال الصحراء المتحركة بينما استطاع بعض رفاقهم الفرار من قبضة المهاجمين الذين كان من بينهم موريتانيون لعل أبرزهم هو القيادي السلفي المعتقل حاليا ولد أحمدناه الذي تم اعتقاله في مقاطعة "لكصر" بعد مواجهة مع قوي الأمن اثر عودته لتنفيذ بعض الأعمال التي كان مكلفا بها ومنها اغتيال الأمريكي رميا برصاص باعتباره ضالعا في عمليات ترويج للفكر المسيحي بموريتانيا وهو ما أعاد المواجهة بين الطرفين إلي الواجهة من جديد.
تحديات قائمة
ومع دخول البلاد نهاية 2009 وبداية 2010 كانت المؤشرات الأولية تفيد بأن القادة العسكريين الجدد قد استعادوا زمام الأمر من خلال إعادة ترتيب المشهد العسكري والأمني بتغييرات واسعة والدفع بأموال طائلة لسد الثغرات الأمنية التي ظلت مثار جدل.
عكف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وقائد أركان جيشه العقيد محمد ولد الغزواني علي إعادة ترتيب المؤسسة العسكرية مستحدثين وحدات عسكرية خاصة لمواجهة القاعدة عهد إليها بإعادة الانتشار علي الحدود والتحرك لضمان عدم نفاذ مقاتلي التنظيم إلي الأراضي الموريتانية وتقديم النجدة والمساعدة لعناصر أمن الحدود الذي ثبت ضعفهم في مواجهة مقاتلي التنظيم بفعل ضعف الآليات التي يمتلكون وغياب الخبرة الكافية للتعامل مع هذه المجموعات المدربة جيدا والمتمرسة علي قتال الجيوش النظامية وفي أصعب الظروف ..
أبقت قيادة أركان الجيش علي تبعية الوحدات لها مباشرة لضمان الفاعلية وسرعة التنسيق وأوكلت مهمة متابعة الأمر إلي نائب قائد الأركان العقيد محمد ولد أزناكي بعد عودته من عملية الإبعاد القسري إلي السينغال كملحق عسكري بها بعد أسابيع من رحيل النظام الانتقالي السابق الذي قاده الضابط العقيد اعل ولد محمد فال.
ولمواجهة تلك التحديات ألغت القيادة الجديدة خططها السابقة الرامية إلي بناء قاعدة عسكرية أمريكية بشمال البلاد،وعهد إلي الحليف التقليدي فرنسا ببناء تلك القاعدة قبل أسابيع فقط من وصول معدات الأمريكيين إلي ميناء نواكشوط ..
ورغم أن القوات الموريتانية استعادت زمام السيطرة علي الشريط الحدودي بعد عقود من الفوضي فإن العديد من التحديات لا يزال ماثلا أمام المتابعين للملف ولعل الأخطر والأهم ماكشفته عمليات خطف السياح الفرنسيين خلال سنة 2010 من ثغرات أمنية ظلت قائمة رغم علم السلطات الموريتانية ببعضها وخصوصا طريق المهربين الشهيرة بين نواذيبو وافديرك والتي كثيرا ما استخدمها عناصر الجماعة السلفية في التزود بالبضائع والمعدات والسيارات مستغلين نفوذ بعض رجال المال والأعمال في موريتانيا لتمرير طلباهم مرورا بالشريط الحدودي مع الصحراء الغربية والجزائر.
لكن الإحراج الذي شعرت به نواكشوط بعيد العمليتين دفعها إلي إعلان حدودها مع الجزائر منطقة عسكرية مغلقة يحرم التحرك فيها في أي وقت دون تصريح من القوات الموريتانية المتمركزة هنالك ، وحددت ثلاثة منافذ فقط للعبور تحت طائلة إطلاق النار بشكل فوري علي من يستخدم غيرها لدي دخوله أو خروجه من الأراضي الموريتانية باعتباره من مهربي البضائع أو المخدرات أو مقاتلي الجماعات المسلحة النشطة في الصحراء..
وقد برهنت الخطة الموريتانية الجديدة علي نجاعتها كما يقول قادة المؤسسة العسكرية بعيد عمليات نوعية استهدفت عددا من عناصر الجماعات المسلحة وخصوصا تلك النشطة في مجال تهريب البضائع والمخدرات وان كانت المعلومات المتوفرة حتى الآن تفيد بان اعتقال المجموعة الأخيرة تم خارج الأراضي الموريتانية ضمن سياسة اعتمدتها الدولة الموريتانية منذ توتير الأجواء بينها مع جمهورية مالي بعيد إطلاق الأخيرة لمسلحين سلفيين من أصول موريتانية كانوا محتجزين لديها علي شكل دفعات في عمليات تبادل لرهائن غربيين بعضهم اختطف علي أراضيها.
ووفق معلومات مهمة يتم تداولها الآن بين النخبة الأمنية الحاكمة فإن المجموعة العسكرية التي نفذت العملية كانت تخضع لتدريب مكثف من قبل "جنرالات" في الجيش الأمريكي متخصصين في مواجهة جماعات التهريب،وإن نفس المدربين لا يزالون علي الأراضي الموريتانية ضمن برنامج ترعاه القيادة الأمريكية في ألمانيا ويشرف عليه احد الشبان الأمريكيين من أصل موريتاني يعمل الآن كمعار للسفارة الأمريكية بنواكشوط لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد.
ولكن الورقة الأصعب في مواجهة الجماعات المسلحة الآن هو كيفية التعاطي مع المعتقلين حاليا بالسجن المركزي وخصوصا من ذوي الأحكام المخففة أو من الذين لا توجد أعمال كافية لإدانتهم رغم النزعة الجهادية لدي الكثير منهم والروح العدائية التي اكتسبوها من خلال معاملة قاسية تلقوها في زنازين الشرطة الموريتانية أو السجن المركزي بنواكشوط !!.
كما أن غياب الاستقرار السياسي في البلاد وتصاعد لهجة الأطراف السياسية ليس من شانه تحويل الأنظار عن الحرب الدائرة بين القوات المسلحة والعناصر الإرهابية المرابطة في الصحراء ،بل من شأنه دفع الحكام الحاليين إلي التعاطي الحذر مع عناصر هذه القوات تدريبا وتسليحا وضبطا ضمن حسابات معقدة تجعل منها عنصر اطمئنان لأي حاكم وعنصر قلق ومصدر خوف في ظل إمكانية استخدامها في أي عملية تغيير عنيفة للنظام ممكنة ومحتملة في ظل أوضاع مرشحة للتوتر وضمن سياق عام تعود أصحاب الشوكة فيه علي تجيير مجري الأحداث لصالحهم متي أرادوا ذلك؟! 
نقلا عن الرابط التالي : 
http://www.arabs.com/threads/1129-موريتانيا-والقاعدة-..-جذور-الأزمة-ومستقبل-الصراع-!!