في حين يعيش معظم المسلمين هذه الأيام أجواء عيد الأضحى المبارك السعيدة ... في حين يلبس الصغار ملابسهم الجديدة وتعلو وجوههم الفرحة وهم يدقون الأبواب طلبا "لمديونه" ... في حين يطبع جو التسامح والصفح وتبادل التحايا سلوك أغلب الأسر في هذا اليوم المبارك ...في حين يغادر حجاج بيت الله الميامين جبل عرفات متجهين إلى مزدلفة وتغمرهم روحانية تلك المشاعر وتتنزل عليهم رحمات ربهم ... في حين يصدح أئمة المسلمين فوق المنابر بأفضلية عشر ذي الحجة ومواصفات شاة التضحية ويحثون المصلين على التحلي بالاخلاق الحميدة ... كان هناك من لم يجد طعما لكل هذا ... كان هناك من يعاني ..!!!
في غمرة الإنشغال بفرحة العيد، خالفت أسراب من "قواتنا الباسلة" إلى بيوت وأكواخ أنشغل أهلها مابين مفكر من أين يؤمن لأولاده ملابس العيد وعاكف على العبادة لتحصيل أكبر قدر من الثواب في هذه العشر، لتعيث فيها فسادا وتدمرها في تحد صارخ لقوانين البشرية ونواميس الكون. وقد تميز العيد في هذه الأحياء بالحزن ولبس الناس للسواد ـ نفسيا ـ حدادا على ما أفسد المتحدثون باسم الوكن من أموال مواطنيهم.
فقد أمضى صاحب هذا البيت (الصورة) الكثير من وقته ـ على حساب تحصيل قوته وقوت عياله ـ في طوابير أمام مباني المقاطعة والبلدية للحصول على إذن قانوني للبناء، وقد حصل عليه مقابل 6000 أوقية. لكن ذالك لم يشفع له.
وفي صباح ذالك اليوم المشؤوم (أقصد اليوم المبارك إذ كان من عشر ذي الحجة ) أنطلق ذالك المواطن المسكين إلى عمله، وانطلقت زوجته إلى السوق الشعبي لشراء ماتسمح به تلك الاواق التي ترك لها من لحم وخضار لإعداد وجبة غدائها. ولكن هدوء ذالك اليوم وروتينيته لم يستمرا، ولم ينتظر غبار الهدم أن تستريح ربة البيت بعد مشقة أختراق الكثبان حتى بشرها بما فعل "حماة الوطن"...
من سذاجة قواتنا الباسلة أنها تسمح للمواطن بالسكن ولكنه إذا اتخذ مراحيضا لتساعده على السكن الذي هو شرط في امتلاك بقعة الارض تهدمها ... كما كان مصير هذه المراحيض التي بنيت في بقعة لاتعاني من أي مشاكل مما يبرر به عادة الحاكم أفعال رسله المدججين ... وقد حوقلت صاحبة هذه المراحيض وحمدت الله وأثنت عليه (مسيرة لا مخيرة) عندما قارنت مصابها بمصاب جيرانها ..
وقد تختلف أسباب الهدم وأوقاته وردود الفعل تجاهه .. وقد يختلف وقع الخسارة من مواطن لآخر حسب حجم الخسارة ومقام الخاسر .. ولكن مالايختلف هو أن هذه منشآت مواطنين بذلوا فيها الغالي والنفيس وأنه لاشريعة سماوية ولاقانونا وضعيا يجيز مثل هذه التصرفات ... وأنه من مأمنه يأتى الحذر ...