samedi 22 septembre 2012

" الأحمر" في " المهجر" !!!


1
يقول الأديب والناقد محمد المختار ولد اباه "صعب على من لم ير المحاظر أن يتصورها"[i]
وكم هي متعددة ـ كالمحاظرـ مكونات الثقافة الموريتانية التي يصعب على من لم يرها تصورها،  ومنها تلك الجامعات المتنقلة التي تخرج منها جهابذة شعراء وعلماء أتقياء ونقاد أفذاذ قارعوا باسم شنقيط / موريتانيا في أهيب المجالس وعنه نافحوا في أشهر النوادي وبه هتفوا في أكثر الأسواق رواجا؛ فكان ابن التلاميد التركزي ينقب مكتبات باريس ولندن والأندلس بأمر من السلطان العثماني عبد الحميد ويلقي ميميته الشهيرة في الموتمر الثامن للعلوم الشرقية باستكهولم[ii] بدعوة من الملك أسكار الثاني ملك السويد والنرويح أيامها...  وكان بن الأمين الشنقيطي يفاخر بأرض شنقيط وأهلها معتمدا على حافظته وينتقم لها ممن أنكرها ويعكف كذاك على الدرر ... وكان البيضاوي الشنقيطي يسامر فلوبير ويرثي ذوي الجهالة في تارودانت ومراكش ... وكان ذالك "البدوي... الهزيل ضعيف البنية ... ذو لحية مستديرة كثة عمرها ماعرفت مقصا ولاموسى.. ورأس منفوش .. هو المختار ولد حامدن الأديب الكبير والعالم الشهير في تلك الاصقاع."[iii] .. وكان تحفة الكتاب وأيقونه النقاد ومفخرة شنقيط جمال ولد الحسن ... وكان ... وكان...
ومن مظاهر تلك الثقافة المنسية ماقدم به محمد يوسف مقلد لقصة أول لقاء له مع ابن خلدون الثاني المختار بن حامدن في كتابه شعراء موريتانيا القدماء والمحدثون حيث يصف جماعة من الإخوان الموريتانيين .. يأكلون التمر والتشطار (لحم مقدد) في ذالك الحانوت الصغير (الندوة) الذي كانت تفوح منه رائحة امنيجة (التبغ) وتتراكم فيه أجربة الجلد (لمزاود) .. إلى آخر كلامه بتصرف... ومنها كذالك مربط فرس هذه الأسطر وبيت قصيدها 'الأحمر' وما ادراك ما 'الأحمر' ؟؟
2
يطلق 'مصطلح' 'الأحمر' بين أوساط الطلبة هنا في المغرب على الشاي الموريتاني .. فالأحمر إذن هو ذالك السائل الأحمر (أو الأصفر المشوب بحمرة) الذي يبهج النفس ويدخل السرور والغبطة على الأرواح وهي واجمة هادئة في مهادها، فما إن تلتقط الأذن ذلك الخرير الذي يحدثه الخيط الأحمر الرفيع الذي يشغل الفراغ الفاصل بين الإبريق والكأس حتى ينتشي صاحبها طربا ويتمايل نشوة كتمايل الصوفي في محرابه. وللموريتانيين مع الشاي قصة ذات شجون لايجمعها إيوان ولا يحصيها ديوان حتي تغنى به شاعرهم وغرد به بلبلهم وسارت به ركبانهم وتساجل فيه الشعراء وتقاول فيه العلماء؛ وعدوه من علامات الكرم واشترطوا له ثلاث "جيمات"... حتى قال شاعرهم وهو التجاني ولد باب العلوي:
الضيف دون الآتاي اليوم مكرمه      لـم يجـد شيئـا وإن جـلـت فـوائـده
ومن سقى ضيفـه الأتـاي أكرمـه        ولا يــعــاب وإن قــلــت مــوائــده
جرت بذا عـادة الأيـام واشتهـرت        والدهر لا بـد أن ترعـى عوائــده
وقال مغنيهم (شاعر شعبي) وهو الشاعر والأديب: عمر ولد حم الكنتي:

أتــاي أحن ذُ يجمــــعن    مخـــــــلاه أعلـــين غالِ
أو هو رفيق أنَّ نحــــن     في النـــــزول والترحالِ
وقد التحمت حياة الموريتانيين بالشاي التحاما وثيقا ومرت تاريخيا بعدة مراحل منها مرحلة الندرة حيث لايتوفر الشاي إلا عند الميسورين ويحظر شربه على النساء والاطفال وحتى المراهقين أحيانا حتى اشترطوا تقارب السن في جماعته وكرهوا غيره:
يا ويح للشاي لا تصفو مشاربه    لشاربـيـه لأن الـكـهـل شـاربــه
والطفـل شـاربـه مـنـا وشـاربـه    منا الذي هو ما إن طر شاربــه
ويقول الرئيس وأبو الموريتانيين المختار ولد داداه والذي أعتبره مظهرا من مظاهر الثقافة المطمورة في غياهب النسيان في مقطع طريف من مذكراته يصف فيه حظ أطفال زمانه من الأحمر :
"كان لي الحق في ورق الشاي المطبوخ ودقيق قوالب السكر... وكان بامكاني أن أضيف إلى أوراق الشاي المطبوخة دقيق السكر وآكلها مباشرة، أو أن أعد إبريقي من الشاي بصب الماء الساخن في الإبريق على أوراق الشاي المستخدمة وإضافة دقيق السكر. ولا يكون العصير الناتج عن هذه العملية مجرد ماء ساخن، لكنه لن يصبح كذلك شاياᵎ وبالفعل فإن أوراق الشاي قد جادت بكل طعمها ولونها خلال عمليات طبخها الأولى. وبما أن كمية الدقيق كانت في الغالب قليلة، فإن ما أشربه عبارة عن ماء فاتر قليل السكر. ومع ذالك فقد كنت مسرورا لأني أعد " شايي" مثل أخوالي ومثل غيرهم من الكبار"[iv]
3
وقد كنت مرة مع بعض الطلبة الجدد ـ وكلنا كنا جدد على المغرب ـ  أواخر عام 2009 في حي القامرة الشعبي بالرباط  عاصمة المملكة المغربية؛ كان يومها دوري في إعداد الشاي الذي تملي قواعد الطلبة أن يتم بالتناوب بعد كل وجبة، وكنت ـ ومازلت تحدثا بنعمة الجليل ـ ممن حباهم الله بحسن الصنعة. كان عدد الطلبة كبيرا نسبيا إذ يصل أحيانا إلى الأربعين وكان لابد أن أتحايل عليهم حتى أجد مخرجا وعذرا عند من لن يسعهم الإبريق بمافيه، فقلت لهم لن يشرب من شايي هذا إلا من قال "كافا" (بيت من الشعر الشعبي) أو "لغن" .. وياليتني ماقلتها ومااشترطت ذالك الشرط ᵎᵎ فإذا بالكل امغنيين وشعراء وكاد الابريق أن ينفد لولا أن البعض لم تسعفهم قرائحهم، وقد دونت بعض ماقيل واشترطت فيه شرطا دكتاتوريا أن لا أدون إلا ماذكر فيه اسمي بحجة الخوف من أن يتبناه غيري ( إلا في بعض الاستثناءات لحسنها لم استسغ إلا أن أدونها)؛ فكانت أمسية موريتانية بامتياز لم يمنعها بعد الشقة واختلاف المعالم وتغير وجه الارض من أن تتدثر بدثور موريتاني أصيل وشنقيطي بديع :
قال محمد ولد لمرابط :
كلن لغن ماابلغن    من الليف إل الياي
بسم الحيل إعود لغن    إتردين من أتــاي
فاستحق كأسا ... وقال أخرى فاستحق آخر :
زين أتايك وإل انقاس     تلحك مامن كاف
وآن محد الكاف كاس    اندور انتم ابكاف
وقال جد ولد البشير :
أتايك هذا اتكد    تشرط بالكفان
وآر كاسي محــد    كاف ذهُ عجلان
فاستحق كأسه .. وانتشى القاضي ولد سميدع طربا وقال:
شايك زيدان إبرك      والزمكه من مـــاه
زين والبدع إحرك    غير البداعه مــــــاه
فاستحق كأسا ... فثنى فثنينا له :
عدن لأتاي أنعمر     ومن اشروط فاشروط
كاف من المعن عمر   مولاه أجاب اشروط
فتمايل محمد محمود ولد سيدي عال وقد أثار ما سمع في نفسه مكنوناتها :
فالحك أتايك يزيدان      ماه معتاد أكسان
مايشربهم ماه وزان     بابيات ول كيفان
فاستحق كسابقيه عن جدارة كأسا ... لكنه زادنا فزدناه بدورنا :
زيدان أتايك يـون     حسين أذ ماه طاري
مان حاكم عن وزني  غير الوزن اعلي فاري
فتدخل المغني النح وكأن قطاره القادم من فاس تأخر قليلا وكاد أن يزري به ولم يمنعه "بكط أزواد" الذي يحمل في حقيبته من ان يشاركنا سمرنا فقال:
زيدان اليوم امخبر     عن نبغ فاجماعت
أغـن لبير إعمــــر      فأتـاي امع حكايت
وطبعا لم يعجب أتاي زيدان الجميع .. فالحسن نسبي كما يقال .. ولذالك علق محمد ولد مايمتس قائلا:
أتايك ذ لا تـــــغي      به إيل كديت
محدنو مااتثني     من ما كنـــديــــت
استغل محمد ثغرة عدم اشتراطنا غرضا بعينه  .. فاستحق كأسا فشربه على وقع ضحكات الجميع من "كافه" ..  ويبدو ان هناك من استغل ثغرة أخرى .. فقال لنا : أما أنا فلم يحضرني 'كاف' فاسمحولي أن استحل كأسا بتبريعه ....:
أتايك يزيدان      إذكرن موريتان
4
وبما أنني لم أكن ممن يحسن قرض الشعر ولاسبك القريض فقد فزعت بآمالي إلى الرجز لأستحل به شفاه ذالك الكأس فقلت :
لولا كؤوس شـــاينا ذي مترعة       بين أنامـــل هنا مفــرقعة
ورشــفة ساخنــة منعـــــنعه             لبقيت أدمغة في المعمعـه
وقد قصدت ماقلت وإن لم أحسن التعبير عنه. فعلا لولا كؤوس الأحمر تلك بعد الله لما تيسرت بعض من الامور كتعارف الشباب فيما بينهم ولم يكونوا قد تعارفو وقتها عن كثب، وتصنيفهم إلى مجموعات حسب جودة الكيفان، وقد كان ذالك المجلس لبنة تأسس عليها مابعدها من مجالس الشاي ولغن في بيوتات متفرقة من حي القامرة وفيما بعدها بعد أن علم كل طالب مشربه واتجه إليه. وقد قصدت بالانامل المفرقعة عادة كثيرا ما اعتدتها في انتظار نضج الإبريق واستوائه.
وكثيرا مااقترن الأحمر في الذهنية الشعبيه بالغن والشعر وأزوان والابداع الموزورن إجمالا، ولا أدل على ذلك من كم الاعجابات والتعليقات التي استقطبتها صورة نشرت حديثا على المواقع الإجتماعية للفنان الموريتاني سدوم ولد ايده يعد الأحمر تحت خيمة وهو محاط بآلته التقليدية... ومن منا لم ينتش طربا وهو يتابع حلقة بثتها التلفزة بمناسبة عيد من الاعياد يجيب فيها محمد ولد بوب جد عن سؤال لمحمد ولد اصوينع عن إنتاجه الشخصي حيث يقول " أنخت جملي على مشارف لعيون في ليلة مقمرة واضجعت على كثيب وقربت "تدنيتي" وقلت لغلام معي "عمّر" ... " وقد كان الابداع من الحيل التي يتوارى وراءها السكاكة ليتحاشو الطرد من المجلس فكانو كالندماء في مجالس الامراء يقول محمد بن الصوفي (اباي):
قـل للمسـكـك قــد تكفـيـك واحــدة        طول التسكك كالتعذيب في الجدث
لا تحسبن الكـؤوس الحمـر هينـة          بـل إنهـا صعبـة مـا نلن بالعـبــث
وقد التمس الموريتانيون العذر "للورقة" ايا كان نوعها المهم ان يعد بها الشاي إلى حين ميسرة ويقول قائلهم في ذاك وهو الحسن ولد ابا (المختار) الجكني:
إذا لم نجد إلا "النميلة" مشربا                  شربنا ولم نسمع مقالة ذي عذل
وإن وجد "المفتول" قلنا لنملـة                   مقالتها للنمل في سـورة النمــل
وقد رددت بزهو وغبطة على أحد أساتذتنا المغاربة بعبارة محمد المختار ولد اباه السابقة عندما حدثنا عن افتخاره بغزو الشاي المغربي لأزقة وشوارع  كاليفورنيا ونيويورك ... حيث تغازل نظرك لافتات كتب عليها "هنا الشاي والحريرة المغربية"، فقلت له: ومشايكم إلى جانب شاينا؟  ولو أن الموريتانيين رعوا الأحمر حق رعايته وأكرموه وأنزلوه منزلته لأكلو من فوقهم ومن تحت أرجلهم .. ولكن ذالك الزهو بدأ يخبو شيئا فشيئا فقد تذكرت أن الأحمر ماهو إلا رمز من رموز تلك الحضارة المنسية ولا أستبعد أن يخرج علينا يوما خارج فيحصر سبب تأخرنا وفقرنا في تلك الكؤوس الثلاث المترعة...   














تم تنسيق الأبيات: بالتعاون مع الشاعر والمغني يحظيه ولد محمد عالى ببات


[i]   الشعر والشعراء في موريتانيا ص. 28
[ii]    يقال إنه لم يسافر لشروط إشترطها لم تعجب السلطان.
[iii]   يوسف مقلد نقلا عن طه الحاجري، دراسات وصور من تاريخ الحياة الأدبية في المغرب العربي، ص: 450
[iv]   موريتانيا على درب التحديات، ص: 45

mercredi 2 mai 2012

شكرا بيرامه ... شكرا إيرا !!!


لايسعني في هذا المقام إلا أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الإمتنان لرئيس حركة إيرا الحقوقية السيد بيرام ولد الداه ولد أعبيدي ... فقد أسيل الكثير من الحبر وسودت اوراق وملأت صفحات المواقع الإجتماعية بالتنديد بما قامت به الحركة ذات التوجه العنصري من إحراق لبعض كتب المذهب المالكي في مقاطعة الرياض يوم أمس الجمعة، في حين أني لا أرى في الخطوة إلا مجموعة من المنح الإلهية تتساقط من حيث لم ندر ولم نحتسب والتي تستحق عليها حركة إيرا ممثلة في رئيسها الشكر بدل التنديد .. فشكرا للحركة التي دقت مسامير نعشها بيدها واراحت الآخرين من دقها وكشفت للعالمين عن حقيقتها ولم تكلفنا الدخول في جدالات حول شرعية مطالبها و سلامة مصادر دعمها... وقد كشفت ردود الفعل على ماقامت به الحركة من التطاول على مسلمات الشعب الموريتاني والجراءة المبطنة بالشرعية المزيفة عن بعض الأمور التي كان يحجبها عن أنظار المكابرين حجاب رفيع، وبعد أن أقدمت الحركة على ماأقدمت عليه فقد وجب علينا شكرها على أمور منها:
أولا: ينبغي أن نشكر حركة إيرا ورئيسها بيرامه على كشف استهتار حكومتنا الوطنية بمقدسات البلد. كان من المفروض أن تتخذ الحكومة إجراءات صارمة لوقف برامه وحركته عند حدهما وكما عاقبت من استهزأ بالعلم الوطني من الطلبة الزنوج وهو إجراء له مايبرره ولكن كما أن العلم هو رمز وحدة البلد ومصان بمواد الدستور الوطني، فإن أمهاة كتب المذهب هي الأخرى رمز من رموز الوطن حمله الشناقطة معهم نظما ونثرا أينما حلوا وأينما ارتحلوا، كما أنها كانت عاملا من عوامل وحدة سكان المنكب البرزخي بأبيضهم وأسودهم .. هذا فضلا عن ماورد في التعاليم الشرعية من المطالبة بصيانتها وإكرامها.. كما أن المذهب المالكي يعتبر جزءا من هوية الدولة الدينية والإساءة إليه هي إساءة إلى هوية الدولة وقدح في رمز من رموز سيادتها فكثيرا مااهتم الشناقطة ـ وذاك جهد لاينكره إلا مكابرـ بالمذهب المالكي نظما وشرحا وتدريسا واختصارا وكم من مرة يتناهى إلى اسماعنا بحث علمي أو ندوة عالمية عنوانها "إسهامات الشناقطة في المذهب المالكي" .. ينبغي للحكومة أن تحمي بالقانون أي مساس برمز من الرموز الدينية كمذهب مالك أو قراءة ورش مثلا... وقد جائني أثناء كتابة هذه السطور أن الشرطة تعتقل بيرام وهي خطوة متوقعة بعد ما قابل به رئيس الجمهورية الجموع التي حركها الغضب اليوم من الجامع الكبير غيرة على موروثها الثقافي من وعود بإرضاءها ... ولكن توقيف بيرام أوغيره لايكفي لردع متهور الأموال الأروبية. نريد موادا دستورية تمنع المساس بالمقدسات الدينية منعا باتا وتعاقب مرتكبه كما يعاقب من تطاول على محمد عبد الوهاب في المملكة السعودية أو تكلم في أحد رموز الشيعة في الجمهورية الإيرانية.
ثانيا : ينبغي أن نشكر بيرام وحركته على الموقف المحرج الذي وضعت فيه الحزب الاسلامي تواصل. لقد اشرأبت الأعناق بعد الحادثة مباشرة إلى حزب تواصل ومنافذه الإعلامية منتظرة رد فعله وليس ذالك لأن حزب تواصل هو الوحيد الذي يجاهر ويتبنى خلفية إسلامية كمبدأ من مبادئه ومنطلق من منطلقاته، بل لأن ابواغ تواصل الإعلامية كانت من أكثر المنابر ترحيبا بكل مايعزى لبيرامه، وتابعت بكل حفاوة خرجاته الإعلامية وجعلت منهم مالكوم إكس وابراهام لنكولن القرن الواحد والعشرين محرر العبيد ولم يخف على أي من قراء المواقع والصحف التي تحسب على ذالك التيارالهالة التي كانت تحيط بها أي خبر متعلق ببيرامه أو إيراه. والغريب أن بيرام لم يستعطف يوما التيار الإسلامي ولم يحترم شعوره، ينهال مرة على الشيخ المرحوم بداه ولد البصيري بالشتم ومرات على الأب الروحي الشيخ محمد الحسن ولد الددو، كما صرح في أكثر من مرة بمواقف صريحة في دعم إسرائيل والتي كانت ولاتزال القضية الأولى للإسلاميين عامة ولتواصل خاصة. ولم تتوقف به غطرسته وعنجهيته عند ذالك الحد حتى عمد إلى حرق أمهات المذهب في تحد سافر لمن أنزلوه بإعلامهم منزلة ماكان يحلم بها .. واستغلالا ربما للجدال الدائر بين الأصوليين والفروعيين والذي كثيرا مااستثارته البيانات الرسمية للحزب وآخرها بيان التنديد الصادر اليوم. المقصود أن مواقف تواصل من بيرام وحركته ـ أقول بيرام وحركته ولا أقول العبودية ـ كانت دائما غير مبررة ولطالما شكلت نقاط ضعف يؤتى من قبلها الحزب. ولقد كان تواصل سباقا إلى التنديد بالعمل المشين يوم أمس في خطوة تذكر له فتشكر وتتوقع منه اكثر من غيره ..
ثالثا : ينبغي أن نشكر بيرام على إجلائه اللبس بتصرفاته للعامة عن البون الشاسع بين المطالبة بحق مشروع كإلغاء العبودية وإستغلال التنوع الثقافي لإذكاء نعرات عنصرية يتكسب منها البعض ويعيش عليها. إن العبودية التي حارب من أجلها رجال قبل أن يبلغ بيرام الحلم تقلصت بشكل كبير في موريتانيا بعد قراري إلقاء الرق 1981 تجريم العبودية 2007 وكان لمرابط محمد سالم ولد عدود والذي لم يسلم هو الآخر من سهام إيرا الغادرة هو أول العلماء دعما لألغاء الرق في موريتانيا أيام محمد خونه ولد هيداله. والإسلام الذي يتشدق بيرام بمهاجمته كان ومازال من أكبر الداعمين بتعاليمه الدينية وتشريعاته المحكمة إلى التحرر ولا يحتاج ذالك إلى أدلة. إن عبارة محاربة العبودية والتي يتكسب منها بيرام بسخاء من أروبا ـ وما قصة إيفانا داما الإيطالية منا ببعيد ـ رددتها حناجر أكبر من بيرامه ـ ولم تصل من الغطرسة ماوصل إليه ـ  كمسعود ولد بلخير والساموري ولد بي وآخرون ومنظمات كحركة الحر ونجدة العبيد واليساريين في السبعينات والثمانيات والحكومات المتعاقبة منذ بداية الثمانيات والحقوقيون وذوا الضمائر الحية ... وليس خطابها بالجديد، ولكن مايذكر لبيرامه ويشكر له هو تهوره. لم يعد اليوم يخفى على أحد أن إيرا ليست أكثر من حركة عنصرية تدعمها قوى غربية بسخاء هدفها تفرقة المجتمع ولا أدل على ذالك من سلسلة الإستقالات المتتالية التي شهدتها الحركة مؤخرا وتمسكها في خطاباتها بالدفاع عن حقوق شريحة واحدة من اربع شرائح على الأقل تكون فسيفساء المجتمع الموريتاني.  
رابعا شكرا لبيرامه.. فهاهم الموريتانييون اليوم بأسودهم وأبيضهم كبيرهم وصغيرهم بيساريهم وإسلاميهم وقوميهم وبعثيهم موالاة ومعارضة حكومة وشعبا يتحدون ويتفقون على التنديد بالعمل المشين والغيرة على مقدسات العباد والبلاد .. ولو بت الليلة كلها أسرد المنح الربانية من التهورات البيرامية لما أحصيتها وحسبي قوله تعالى "فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" صدق الله العظيم ..