mercredi 2 mai 2012

شكرا بيرامه ... شكرا إيرا !!!


لايسعني في هذا المقام إلا أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الإمتنان لرئيس حركة إيرا الحقوقية السيد بيرام ولد الداه ولد أعبيدي ... فقد أسيل الكثير من الحبر وسودت اوراق وملأت صفحات المواقع الإجتماعية بالتنديد بما قامت به الحركة ذات التوجه العنصري من إحراق لبعض كتب المذهب المالكي في مقاطعة الرياض يوم أمس الجمعة، في حين أني لا أرى في الخطوة إلا مجموعة من المنح الإلهية تتساقط من حيث لم ندر ولم نحتسب والتي تستحق عليها حركة إيرا ممثلة في رئيسها الشكر بدل التنديد .. فشكرا للحركة التي دقت مسامير نعشها بيدها واراحت الآخرين من دقها وكشفت للعالمين عن حقيقتها ولم تكلفنا الدخول في جدالات حول شرعية مطالبها و سلامة مصادر دعمها... وقد كشفت ردود الفعل على ماقامت به الحركة من التطاول على مسلمات الشعب الموريتاني والجراءة المبطنة بالشرعية المزيفة عن بعض الأمور التي كان يحجبها عن أنظار المكابرين حجاب رفيع، وبعد أن أقدمت الحركة على ماأقدمت عليه فقد وجب علينا شكرها على أمور منها:
أولا: ينبغي أن نشكر حركة إيرا ورئيسها بيرامه على كشف استهتار حكومتنا الوطنية بمقدسات البلد. كان من المفروض أن تتخذ الحكومة إجراءات صارمة لوقف برامه وحركته عند حدهما وكما عاقبت من استهزأ بالعلم الوطني من الطلبة الزنوج وهو إجراء له مايبرره ولكن كما أن العلم هو رمز وحدة البلد ومصان بمواد الدستور الوطني، فإن أمهاة كتب المذهب هي الأخرى رمز من رموز الوطن حمله الشناقطة معهم نظما ونثرا أينما حلوا وأينما ارتحلوا، كما أنها كانت عاملا من عوامل وحدة سكان المنكب البرزخي بأبيضهم وأسودهم .. هذا فضلا عن ماورد في التعاليم الشرعية من المطالبة بصيانتها وإكرامها.. كما أن المذهب المالكي يعتبر جزءا من هوية الدولة الدينية والإساءة إليه هي إساءة إلى هوية الدولة وقدح في رمز من رموز سيادتها فكثيرا مااهتم الشناقطة ـ وذاك جهد لاينكره إلا مكابرـ بالمذهب المالكي نظما وشرحا وتدريسا واختصارا وكم من مرة يتناهى إلى اسماعنا بحث علمي أو ندوة عالمية عنوانها "إسهامات الشناقطة في المذهب المالكي" .. ينبغي للحكومة أن تحمي بالقانون أي مساس برمز من الرموز الدينية كمذهب مالك أو قراءة ورش مثلا... وقد جائني أثناء كتابة هذه السطور أن الشرطة تعتقل بيرام وهي خطوة متوقعة بعد ما قابل به رئيس الجمهورية الجموع التي حركها الغضب اليوم من الجامع الكبير غيرة على موروثها الثقافي من وعود بإرضاءها ... ولكن توقيف بيرام أوغيره لايكفي لردع متهور الأموال الأروبية. نريد موادا دستورية تمنع المساس بالمقدسات الدينية منعا باتا وتعاقب مرتكبه كما يعاقب من تطاول على محمد عبد الوهاب في المملكة السعودية أو تكلم في أحد رموز الشيعة في الجمهورية الإيرانية.
ثانيا : ينبغي أن نشكر بيرام وحركته على الموقف المحرج الذي وضعت فيه الحزب الاسلامي تواصل. لقد اشرأبت الأعناق بعد الحادثة مباشرة إلى حزب تواصل ومنافذه الإعلامية منتظرة رد فعله وليس ذالك لأن حزب تواصل هو الوحيد الذي يجاهر ويتبنى خلفية إسلامية كمبدأ من مبادئه ومنطلق من منطلقاته، بل لأن ابواغ تواصل الإعلامية كانت من أكثر المنابر ترحيبا بكل مايعزى لبيرامه، وتابعت بكل حفاوة خرجاته الإعلامية وجعلت منهم مالكوم إكس وابراهام لنكولن القرن الواحد والعشرين محرر العبيد ولم يخف على أي من قراء المواقع والصحف التي تحسب على ذالك التيارالهالة التي كانت تحيط بها أي خبر متعلق ببيرامه أو إيراه. والغريب أن بيرام لم يستعطف يوما التيار الإسلامي ولم يحترم شعوره، ينهال مرة على الشيخ المرحوم بداه ولد البصيري بالشتم ومرات على الأب الروحي الشيخ محمد الحسن ولد الددو، كما صرح في أكثر من مرة بمواقف صريحة في دعم إسرائيل والتي كانت ولاتزال القضية الأولى للإسلاميين عامة ولتواصل خاصة. ولم تتوقف به غطرسته وعنجهيته عند ذالك الحد حتى عمد إلى حرق أمهات المذهب في تحد سافر لمن أنزلوه بإعلامهم منزلة ماكان يحلم بها .. واستغلالا ربما للجدال الدائر بين الأصوليين والفروعيين والذي كثيرا مااستثارته البيانات الرسمية للحزب وآخرها بيان التنديد الصادر اليوم. المقصود أن مواقف تواصل من بيرام وحركته ـ أقول بيرام وحركته ولا أقول العبودية ـ كانت دائما غير مبررة ولطالما شكلت نقاط ضعف يؤتى من قبلها الحزب. ولقد كان تواصل سباقا إلى التنديد بالعمل المشين يوم أمس في خطوة تذكر له فتشكر وتتوقع منه اكثر من غيره ..
ثالثا : ينبغي أن نشكر بيرام على إجلائه اللبس بتصرفاته للعامة عن البون الشاسع بين المطالبة بحق مشروع كإلغاء العبودية وإستغلال التنوع الثقافي لإذكاء نعرات عنصرية يتكسب منها البعض ويعيش عليها. إن العبودية التي حارب من أجلها رجال قبل أن يبلغ بيرام الحلم تقلصت بشكل كبير في موريتانيا بعد قراري إلقاء الرق 1981 تجريم العبودية 2007 وكان لمرابط محمد سالم ولد عدود والذي لم يسلم هو الآخر من سهام إيرا الغادرة هو أول العلماء دعما لألغاء الرق في موريتانيا أيام محمد خونه ولد هيداله. والإسلام الذي يتشدق بيرام بمهاجمته كان ومازال من أكبر الداعمين بتعاليمه الدينية وتشريعاته المحكمة إلى التحرر ولا يحتاج ذالك إلى أدلة. إن عبارة محاربة العبودية والتي يتكسب منها بيرام بسخاء من أروبا ـ وما قصة إيفانا داما الإيطالية منا ببعيد ـ رددتها حناجر أكبر من بيرامه ـ ولم تصل من الغطرسة ماوصل إليه ـ  كمسعود ولد بلخير والساموري ولد بي وآخرون ومنظمات كحركة الحر ونجدة العبيد واليساريين في السبعينات والثمانيات والحكومات المتعاقبة منذ بداية الثمانيات والحقوقيون وذوا الضمائر الحية ... وليس خطابها بالجديد، ولكن مايذكر لبيرامه ويشكر له هو تهوره. لم يعد اليوم يخفى على أحد أن إيرا ليست أكثر من حركة عنصرية تدعمها قوى غربية بسخاء هدفها تفرقة المجتمع ولا أدل على ذالك من سلسلة الإستقالات المتتالية التي شهدتها الحركة مؤخرا وتمسكها في خطاباتها بالدفاع عن حقوق شريحة واحدة من اربع شرائح على الأقل تكون فسيفساء المجتمع الموريتاني.  
رابعا شكرا لبيرامه.. فهاهم الموريتانييون اليوم بأسودهم وأبيضهم كبيرهم وصغيرهم بيساريهم وإسلاميهم وقوميهم وبعثيهم موالاة ومعارضة حكومة وشعبا يتحدون ويتفقون على التنديد بالعمل المشين والغيرة على مقدسات العباد والبلاد .. ولو بت الليلة كلها أسرد المنح الربانية من التهورات البيرامية لما أحصيتها وحسبي قوله تعالى "فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" صدق الله العظيم ..