samedi 14 mai 2011

*للشعب لا عن تواصل


  مقال للكاتب : اكناتة ولد النقره
ليست هذه السطور دفاعا عن بعض مواقف التجمع الوطني للإصلاح والنتمية "تواصل" أو تبريرا لها أو تسويقا لبعض خياراته السابقة أو الراهنة أو تعبيرا بالضرورة عن رأي المؤسسة القيادية داخله بقدر ماهي توضيح " وبيان ماكان ليتخلف عن وقت الحاجة إليه".

مخاض الولادة:

كان عسيرا على حزب لم يتخلق في رحم السلطة ولم يرضع من لبانها ولم يحظ بالعناية المركزة اللازمة رغم الأعراض الجانبية الكثيرة ومحاولات الإجهاض.

ومع ذلك تمت الولادة وخرج المولود" تماما غير خداج " وحصل الحزب على الإعتماد القانوني الضروري للعمل "كتجمع سياسي مدني " في الثالث من أغسطس 2007 بعدما حرم منه طوال العقدين الماضيين .

صحيح أن الرئيس المنقلب عليه سيد محمد ولد الشيخ عبد الله هو من حاز شرف منح تواصل ذلك الإعتماد، ولكن ليس صحيحا أنه تم في إطار صفقة سياسية سرية لموادعة نظامه كان من استحقاقاتها المشاركة في الحكومة التي شكلها وزيره الأول السابق يحي ولد أحمد الواقف في مايو 2008.

فالحزب لم يستجد الإعتراف من أحد ولم يكن ليقبل المساومة أولابتزاز أو يقايض الترخيص له بأي ثمن!

وحين اتخذ الرئيس المقال سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله القرار الحاسم بمنح المشروعية القانونية للحزب كحق دستوري مكفول لأصحابه كان على وعي تام وإدارك بتجذر الشرعية التاريخية إلى جانب الجماهيرية لهذا الحزب أيضا .

وما كان يسعه أن ينسى أو يتجاهل أن أغلب القيادات والكوادر المشكلة للحزب الجديد كانت بمثابة الوقود المدني الأساسي الذي أسعر أوّار الانتفاضة السلمية للنخبة ضد النظام "الأوتوقراطي" لمعاوية ولد الطايع والتي يلغت ذروتها ربيع 2003 حين أصبح المنبر المسجدي وما يمثله من قدسية إلى جانب رمزية حرية الكلمة خط الدفاع الأول عن الحقوق المدنية للمواطنين في مواجهة سياسة القمع وتكميم الأفواه التي انتهجها النظام إبان ذاك حيث زج بالمئات من خطباء المساجد إلى جا نب العلماء والسياسيين والأحرار في سجونه وفي الوقت الذي ترجل فيه كثيرون ممن كنا نعدهم من فرسان الكلمة وسدنة اليراع ظل هؤلاء يُـمَسّكون بالحرية ويكتوون بجمرها المتلمظ ويضحون في سبيلها بلا توان .

هذا النفس النضالي العالي الذي بقى محافظا على زخمه حتى آخر يوم في حياة النظام كان حاضرا في حسابات الترخيص مثلما كان الحضور الجماهيري ماثلا عقب استحقاقات 2006التي خاضها انصار الحزب تحت ياقظة "الإصلاحيين الوسطيين" وحازوا خلالها ثقة قطاعات مجتمعية واسعة في مختلف مناطق البلاد والتي لم يتح للكثير منها –جراء المنع السياسي - فرصة التعرف أكثر على المشروع السياسي والمجتمعي للإصلاحيين إذا ما استثنينا فترة الحملات الإنتخابية القصيرة.

هذا الانتشار الجماهيري الأفقي للحزب لم يكن ليحجب امتدادات أخرى ذات طبيعة رأسية أو عمودية هذه المرة في صفوف "الانتليجسيا" إذا ما أخذنا في الإعتبار الحضور القوي له داخل الأطر النقابية ومنظمات المجتمع المدني ككل كمؤشر دال في هذا النطاق وهو ما تعكسه مجالس الإتحادات المهنية لأساتذة التعليم العالي وطلبته وأساتذة التعليم الثانوي وغيرها من الاتحادات المهنية الوازنة. هذه المعطيات السياسية الشاهدة كانت ماثلة وبقوة في مخيلة "صاحب القرار السياسي الأول" وهو يمنح الحزب الاعتماد القانوني للعمل السياسي رغم لعبة" المراغبة والمراهبة" التي حاولت بعض القوى المحلية والأجنبية المناوئة تقليديا لعبها بخبث مع الرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله وهو مارفض الرضوخ له بالطبع.

ولعلّ ما نسيه الرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله هو أن ورثة "الإصلاحيين الوسطيين" لم يصوتوا لصالحه وفضّلوا دعم غريمه أحمد ولد داداه خلال شوط الإعادة الثاني رغم الضغوط الشديدة التي مارسها عليهم المجلس العسكري من أجل مؤازرته؛ غير أن الرجل كان شهماً ومتسامحاً، ولم يكن من أخلاقه التشفي أو الانتقام على الأقل بهذا الخصوص.

مـــــن الجماعـــــة إلى الحـــــزب

تابع بعض المراقبين بحذر مسار التحول السياسي للفصيل الإسلامي الرئيس من مرحلة الجماعة الدعوية التربوية والتي ظلت تتعاطى مع الشأن العام في أغلب الأحيان بخطاب سياسي مشوب العاطفة دينيا ، إلى مرحلة الحزب السياسي الواقعي الذي أصبح يعتبر السياسة "جهاده" المدني ويقبل بالديمقراطية منهجا لتنظيم الحياة السياسية ولا يرى تعارضا بينهما وبين روح الشورى.

جاء ذلك التحول سلسا وسريعا وعكس قدرا كبيرا من الإنسجام الفكري والإنضباط داخل هياكل الجماعة - الحزب ، فلم تعرف انشقاقات أو صراع مراكز قوى على المواقع القيادية المتصدرة كما توقع البعض ، فيما صاحبت مسار التحول اسئلة "الإيديولوجيا " التقليدية المتعلقة بالهوية الفكرية والإنتساب المدرسي ووجهة الخط السياسي للحزب الوليد ، فهل كان الحزب الجديد حركة دينية محضة تعبر عن نفسها في شكل مواقف سياسية أم تعبير سياسي محض بمسحة دينية؟ هل هو حزب مدني لمواطنين متدينين أم لا يعدو كونه حزبا تقليديا ذا نفس إسلامي؟ ..

لقد حسم "تواصل" ومنذ البداية جدلية الإنتماء والهوية حازا على مفصل المرجعية الإسلامية وهو التنصيص الذي يبرره رئيس الحزب الأستاذ: محمد جميل ولد منصور بقوله:

"وقد يبدوا إبراز المرجعية الإسلامية في بلد ينعت جمهوريته بالإسلامية ويعتبر أحكام الدين الإسلامي المصدر الوحيد للقانون ويصرح بأن دين الشعب والدولة هو الإسلام ، تحصيل حاصل وحديثا في المسلم به .... ولكنه ليس كذلك إنه وضوح في النسب الفكري وتأكيد على إختيار وطني ضمنه الناس في أهم وثيقة قانونية للبلاد ( الدستور ) ... وتعزيزا لهذا الإختيار وإعلان صريح لتبنيه والاستعداد للدفاع عنه على كل الجبهات الفكرية والسياسية"1.[2]

والمرجعية لم تتحول في يد تواصل إلى "حق إلهي مكتسب" يضفي صبغة القدسية على مواقفه واجتهاداته السياسية فيعصمها من الخطإ ويزكيها فوق النقد، ولم يسع إلى توظيفها كسلاح ايدولوجي لشيطنة خصومه ووصمهم "بالهرطقة السياسية" ولم يوزع عليهم صكوك حرمان بابوية ولم يصك فتاوى في تزكية مرشحيه أو صكوك غفران لمن صوتوا لصالحهم .

لقد نظر تواصل إلى المرجعية على الدوام باعتبارها "حقيقة كلية "لا يمكن لأي كان ان يدعي تجيـيرها بالمطلق وهي دون ذلك في عرفه "مشاع مشترك" يتحامى عن أن يستأثر به هذا الفصيل أو ذاك مهما كان منطلقه وسند شرعيته .

لقد تجاوز الخطاب السياسي لتواصل مرحلة الإنفعال بالواقع ـ والاشتباك الفكري مع الأنظمة المتأسلمة حول أحقية "التمثيل الرسمي للإسلام" في معارك مفتوحة بلا قواعد أو تقاليد يحاول كل طرف فيها توظيف ما يمتلك من أسلحة ضرب إيديولوجي إلى ابعد مدى – إلى التفاعل معه ومحاولة التأثير فيه عبر بناء علاقة جدلية خلاقة تتجاوز المقولات الإختزالية ذات الطابع المطلق والمحلق والتي استمرأتها بعض القوى والتيارات في أمور هي بطبيعتها نسبية واجتهادية، إذ لا ريب أن التعامل مع المطلق مريح للنفس في سياق الخطاب بين المتحدث والمتلقي ولكن المحك الحقيقي الذي يمتحن جدية البرامج وصدقية وعودها يبقى في الترجل إلى الميدان والتعامل مع الواقع بمشاكله وتعقيداته وتفكيك مفرداته سبيلا إلى اكتشاف الحلول وطرح البدائل عبر حشد الإمكانات وتفجير الطاقات وهي بالأساس مهمة السلطة الممسكة بزمام الأمور في الوقت الراهن لا تواصل ، فليس مطلوبا من هذا الأخير وهو يجلس على مقاعد المعارضة تقديم وصفات علاجية لمشكلات اقتصادية واجتماعية أفرزتها الممارسة السياسية الخاطئة للسلطة الحاكمة أو غيرها. المطلوب من تواصل إلى جانب توضيح تصوره السياسي ورسم خطوطه العريضة مناصحة السلطة وتنبيهها إلى مواقع الخلل ومكامن الخطر ، وهو ماظل يفعله دون كلل طوال الفترة الماضية حيث أصدر قبل شهرين وثيقة سياسية عنونها بـ"إصلاح قبل فوات الأوان" استقطبت اهتمام أغلب الفرقاء في الساحة السياسية ، وقد حثت السلطة على القيام بإصلاح جذري يتسم بالجدية والمصداقية لتفادي انزلاق البلاد نحو مزيد من الأزمات وتدهور الأوضاع المعيشية والأمنية والإجتماعية والإقتصادية ، وهي الدعوة التي يبدوا أن النظام قابلها بالتصامم لحد الآن.

بيـــن السلطـــة والمعارضــــة

وقف تواصل طوال الفترة الماضية كالشارة الفارقة خرج على الجبهة وإجماعها وتخلف عن البيعة مع الأغلبية رغم إقراره بمقتضاها، تأخر عن الانضمام إلي المنسقية ولم تتقدم هي إليه، لم يرتح "لنظارة المعارضة السوداء ولا "لقفازات الأغلبية المخملية" وأسمي خطه ذاك "معارضة ناصحة" بعض خصومه من المعارضة اعتبروها محاولة خجولة للعب دور "عراب النظام" "ومناوءوه في الأغلبية عملوا جاهدين لحرمانه من ذاك الدور المفترض، ومن عامة الناس عديدون لم يستوعبوا موقفه ذلك فتوقفوا فيه.

أما رأس السلطة "فكان فيه من الزاهدين "إذاعدد معارضيه أغفل ذكره وإذا استعرض أغلبيته أهمل شأنه ،هي إذا ضريبة الموقف في معترك سياسي ملتبس لم يتعود جمهوره علي غير المواقف الحدية من ساسته وفي هذا السياق لم يكن خط المعارضة الناصحة الذي تبناه الحزب "حذلقة لفظية" أو "أحجية تواصلية" أو "بالون اختبار سياسي" لجس نيات السلطة ولكنه مثل توصيفا دقيقا لتوجهات حقيقية وقناعات راسخة لدي تواصل بأهمية الخروج من الحلقة الساسية المفرغة التي ظلت تأطر العلاقة المأزومة بين طرفي المعادلة السياسية المحلية (سلطة ومعارضة)إلي فضاء وطني أرحب سعيا إلي بلورة إجماع سياسي يخاطب جذور" المسألةالوطنية"علي إختلاف تشعباتها بعيدا عن الحسابات الضيقة لهذا الطرف السياسي أوذاك .

لقد ظل "الهم الوطني" الشاغل والمحرك الأساسي لكل المساعي والمبادرات السياسية التي طبعت تحركات الحزب طوال الفترة الماضية ولم يكن يهمه بعد ذالك أن ينعت بمحاولة تسويق السلطة تارة أوقلب طاولة"الروليت"علي المعارضة تارة أخري .

خط المعارضة الناصحة هو الذي حمل تواصل علي منح إعتراف وصف بالثمين بنتائج الإستحقاق الرئاسي الأخير دون إنتظار الثمن السياسي وهو الذي دفعه كذلك إلي تثمين بعض الخطوات الإيجابية التي أقدمت عليها السلطة في حينه فالأداء الحكومي في نظره ليس شرا مطلقا مثلما أنه ليس خيرا كذلك.

هو سبيل وسط يتوسل النصح بين طغيان السلطة وإخسار المعارضة والإنصاف بين بطر الأولي وغمط الثانية ويقف علي القسط بين شطط هذه ووكس تلك ، وهو ذات الخط الذي دعا الحزب للقبول بالمشاركة السياسية في حكومة الوزير الأول السابق يحي ولد أحمد الواقف، المشكلة في ظل نظام الرئيس المنقلب عليه سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله بعد عقود من حكم" العسكرتيريا" المتدثرة بزي مدني وقد شعر تواصل إلي جانب بعض القوي السياسية التي قبلت بالمشاركة معه بحرج سياسي وأخلاقي كبيرين وهو يرفض اليد الممتدة إليه والمستنجدة كذلك للمشاركة في جهود الإصلاح السياسي وإنضاج التجربة الديمقراطية الوليدة وحمايتها من سطوة العسكر المتربص الذي استخدم وقتها بعض المجموعات السياسية الوصولية كحذاء مدني ناعم للدوس علي ما تبقى من "حلم شعب بائس في غد أفضل" حيث سعت للتآمرعلي الرئيس المنتخب كمقدمة سياسية لانقلاب العسكر عليه ولم تكن "عين المحلل " في تواصل لتخطئ نذر الإحتضار السياسي للنظام، ومع ذلك قرر المشاركة ـ ولا أقول الشراكة ـ في الحكومة المشكلة للاعتبارات المبدئية السابقة إضافة إلي الحاجة السياسية لطمأنة الساحة إلي سلمية ومدنية مشروعه السياسي والمجتمعي عبر الإنخراط الفاعل في االعملية السياسية والإستعداد لتحمل تبعاتها المختلفة فقد أخذ البعض علي الحزب القبول بالمشاركة في حكومة مطبعة مع الكيان الصهيوني وتضم في صفوفها وجوها مدموغة بالفساد السياسي والمالي مع تضاؤل فرص الإصلاح المتاحة أمامه في ضوء محدودية وهامشية الحقائب المسندة إليه في الحكومة المذكورة .

وهنا يبرز مفهوم سياسي آخر اجترحه تواصل وتجاوز به مرحلة السياقات النظرية ليجسده في الواقع السياسي سلوكا وممارسة أعني "خط المشاركة الناقدة "في مقابل "المعارضة الناصحة"والذي سمح للحزب بأخذ مسافة محسوبة من الأداء الحكومي نصحا وتصحيحا أحيانا وانتقادا أوتحفظا في أحيان أخري ،وقد برزت تجليات ذلك الخط في عنوانين هامين أولهما الإنتقاد الصريح لإستمرار العلاقة الآثمة مع الكيان الصهيوني والدعوة المستمرة إلي القطيعة معه وترحيل سفيره وهو الموقف الناقد الذي شددت عليه بيانات الحزب خلال تلك الفترة تجاهلا لموقف الحكومة الرسمي بهذا الخصوص.

والعنوان الثاني :هو الإضراب القوي والناجح الذي أربك جزءا كبيرا من المنظومة التربوية الرسمية في حكومة ولد الواقف،وهو الإضراب الذي قادته النقابة المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والمحسوبة علي الحزب حين رفض التدخل رغم الضغوط الشديدة الممارسة عليه من قبل الحكومة لإنهاء الإضراب ونأى بنفسه بعيدا تاركا الإضراب يأخذ أبعد مدياته احتراما لإرادة تلك الشريحة المهنية الهامة.

إضافة إلى مواقف ناقدة أخرى للأداء الحكومي قد يضيق المقام عن استطرادها.

من الممكن أن يكون تواصل قد أخطأ "تقدير الموقف" فيما يتعلق بتلك المشاركة التي لم تعمر طويلا وهذا ما يجب أن نترك الحكم فيه للتاريخ وحده غير أن وجوده خارج الحكومة وجلوسه على مقاعد المعارضين للنظام مجددا لم يمنعه من ان يصبح لاحقا في مقدمة المنددين بمن انقلبوا عليه وعلى الشرعية الدستورية التي يمثلها ليتحمل جراء ذلك من أوزار النظام المطاح به ما لم يغنم عشره من تركة تابوته المحمول.

استحقاقات المرحلة

ما من سبيل أمام تواصل القريب دوما من نبض الجماهير- وقد أيس من جدية الإصلاح الذي وعدت به السلطة– سوى الانحياز إلى صفوفها وتبني مطالبها المشروعة في التغيير في لحظة سياسية لا تحتمل الكثير من التأويل وهي الجماهير التي مجت الخطابات الشعبوية المحنطة للسلطة ووعودها المجوفة ببناء "مدينة الفقراء الفاضلة" والتي تحولت إلى ما يشبه "حكايا أمنيات طيبة" أصبحت مثارَ تندُّرِ العامة في مجالسها الخاصة أكثر منها برامج عملية مدروسة تستند إلى حقائق ومعطيات اقتصادية ملموسة، علاوة على الكادر البشري الكفؤ النظيف الأيدي الذي ستوكل إليه مهمة إنجاز البرامج وتجسيدها واقعا معيشاً.

لقد غاب عن النظام وهو يرفع شعارات أكبر منه أن "السياسة هي فن العمل في إطار الممكن"،فمن السهل في حمى التنافس الإنتخابي دغدغة مشاعر الجماهير المتشوفة لمخلص منتظر وبيعها آمال زائفة في "بازار" المزايدات الانتخابية والنفث لها بإستمرار في عقد الفساد وتفريعاتها المختلفة حتى إذا انسحرت بها زمنا إذا بها تفيق على حقيقة أن النظام لا يمتلك أي رأسمال سياسي أو خبرة ناجزة تؤهله لتدبير المرحلة بمفرده ، فيما بدأ يلفظ احشاءه كمظهر عرضي لحمى التآكل الداخلي وصراع الأجنحة بين "كبار الديكة الداجنة" "والكتاكيت المعدلة وراثيا" وهي تنفش ريشها بعد الانتهاء من تمارينها التسخينية الأولى استعدادا لاقتحام حلبة "العصر" أو "عصر الحلبات" ( مع حفظ الأسماء والألقاب والصفات ) في حركة التفافية من النظام للهروب إلى الأمام من استحقاقات المرحلة أملا في امتصاص الحركات الإحتجاجية للشارع والتي بات الشباب عنوانها الأبرز في أكثر من قطر عربي ومنها بلادنا بالطبع.

والمتسائل عن موقف تواصل وسط زخم هذه المتغيرات هو في تقديري الشخصي يقف على ذات الأرضية المشتركة مع المعارضة الديمقراطية الساعية إلى الإصلاح سبيلا إلى التغيير والإصلاح هنا نعني به أن الحزب يطرح ما يرى من داخل النظام السياسي القائم وليس من خارجه ، بمعنى أنه يعتمد أساليب العمل السياسي التي تتيحها الآليات الدستورية والأطر القانونية المعمول بها وينبذ ما سوى ذلك من أساليب غير ديمقراطية في التغيير كالانقلابات وعسكرة الشارع وتهييج المشاعر العامة والتكفير السياسي ....

وهي المواقف الإصلاحية التي فصلتها بوضوح وثيقته السياسية الهامة " إصلاح قبل فوات الأوان " وحيث شكلت السقف الأعلى لما أعتقد الحزب أنها مطالب الغالبية من عامة الشعب إلى جانب النخبة السياسية المستنيرة.

لقد بات الإصلاح الشامل مطلبا ملحا اليوم وأكثر من أي وقت مضى لدى قطاعات عريضة من فئات المجتمع، ولم يعد مقبولا من النظام مواجهته بخطابات ديما غوجية مفوِّتة تستخف بعقول المواطنين وتقصي الشركاء السياسيين وتدير البلد بمنطق "ما أريكم إلا ما أرى" فيما بات الوطن مستهدفا في سلمه الأهلي قبل الإقتصادي والأمني بتعدد الرايات وكثرة المتاجرين بها والمضاربين في سوق "الفتنة الطائفية والثقافية" من القوى المشبوهة التي تضرب تارة بإسم العربية في مواجهة الفرانكفونية وطورا بإسم الزنوجة في مقابل العروبة ، تصب زيت الكراهية بيد وتشعل نار الفرقة باليد الأخرى وما أحداث الجامعة الأخيرة منا ببعيد، حيث سعت تلك العناصر المشبوهة لتوريط الفصيل الطلابي الرئيس - والمحسوب ايدولوجيا على تواصل- فيها، ليكون طرفا في المشكل القائم وليس جزءا من الحل المفترض وهو مسعى فاشل على أي حال فلن يكون "تواصل" أو أي من أنصاره جزءا من مشروع طائفي ولن يستند إلى الطرح الطائفي أو يتعاطى مفرداته أو ينهل شرعيته المجتمعية منه كما يفعل البعض، فقد تأسس "تواصل"على كل ما يناقض ذلك الطرح ويضاده مركزيا فهو لم يكن يوما حزب طائفة أو فئة أو ممثلا لمصالح طبقة أو حتى أرومة إنه حزب كل الموريتانيين على اختلاف فئاتهم وطوائفهم وطبقاتهم وجهاتهم الوحدة الوطنية إحدى منطلقاته الثلاث فإذا جمع الجموع أو حشد الحشود فلن تكون خلف راية غير رايتها.

                                                                                                                     
[1]*هو بيان للشعب لا دفاعٌ عن تواصل.

1ـ فقرة من خطاب رئيس الحزب الذي القاه في المؤتمر الوطني الأول للحزب واالمنعقد في يونيو 2008[2] .
الخميس, 12 مايو 2011 13:06



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire