dimanche 8 mai 2011

لماذا تحويل المعهد بالذات ...؟


يدور اليوم في الاوساط السياسية والاكادمية وحتى الشعبية في موريتانيا جدل واسع حول دوافع وثمار تحويل المعهد العالي للدراسات الاسلامية أو ما اصبح يسمى بعد قرار رئيس الجمهورية جامعة المرابطين، إلى مدينة لعيون. ويبدوأن الموضوع اتخذ شكلا جهويا رغم علو كعب متناوليه الثقافي والاكادمي ... ولكنها الجهوية في موريتانيا تظهر بشكل مؤثر في كل قرار فتحول دون تدارسه بشكل موضوعي ليجني منه الشعب ثمارا إن وجدت.. أو هي المحسوبية او القبلية ... او قل ماشئت. فأول مايتحسسه المتابع للجدل هو خلفية المتحدث أو صاحب الموقف، فإن كان من أهل "الشرق" فهو غير مؤتمن على مواقفه الداعمة لتحويل المعهد إلى لعيون حتى وإن كانت مبرراته مقنعة، فهو لم يدعم قرار التحويل كما يقول خصومه إلا لأنه من أهل المنطقة ... وإن كان من أهل "الغرب" فطبيعي أن يرفض قرار التحويل، فالمعهد ماهو إلا مؤسسة كباقي مؤسسات الدولة التي استأثر بها أهل جهة دون أخرى.

وهكذا تضيع مصالح المواطن المسكين بين جدلية "كسكس والعيش"، المواطن الذي يبحث عن مؤسسة لعصرنة معارفه التي اكتسبها تقليديا في المحظرة عل إحدى مرافق الدولة تستقبله إن تقدم إليها بملف.

فرحنا كما فرح غيرنا من المهتمين بالشأن الاكادمي الموريتاني بقرار رئيس الجمهورية بتحويل المعهد إلى جامعة المرابطين الذي أعلن عنه في خطابه بمناسبة خمسينية الاستقلال، ولاشك أن أقل ثمار هذه الخطوة هي نقل تصور العالم حول هذه المؤسسة من معهد صغير لا تأثير له إلى جامعة لها صيتها العالمي وكلياتها وطاقمها وتخصصاتها على غرار الجامعات العالمية ذات الصيت الواسع كجامعة القرويين مثلا في فاس. ولكن الفرحة لم تكتمل إذ وئدت بقرار تحويل الجامعة الوليدة إلى "عروس المدائن" مدينة لعيون ومطالبة عمد الحوض الغربي قاطبة في بيان مشترك الحكومة بالإسراع في تحويل الجامعة إلى المقاطعة. هي خطوة ظاهرها اللامركزية التي لايختلف اثنان على إيجابيتها وباطنها هو ما شكل الخلفية التي استند عليها كل من الطرفين في دعم أدلته وتفنيد ادلة الخصم.

من نافلة القول أن نظام اللامركزية هو نظام يساعد الدول على النمو من خلال دعم البرامج التنموية المحلية لكل ولاية أو محافظة من ولايات اومحافظات أي دولة او مملكة أو إمارة، ولكن اللامركزية لاتكون في المؤسسات التعليمية فقط دون السياسية والادارية ... وهنا يتبادر إلى الذهن العديد من الاسئلة في ما يخص تحويل المعهد العالي للدراسات الاسلامية أو جامعة المرابطين إلى المدينة النائية في الشرق والتي تحتاج إلى أجوبة وتحليل رصين للقرار وقراءة استشرافية لمآلاته قبل تنفيذه ليحصد المواطن ثمرته وتظهر عاقبته على البلاد والعباد. ونحذر بذالك من ان يكون كقرار حذر دخول بعض أصناف السيارات الذي اتخذ بإشارة اصبع وألغي بإشارة آخرى، ونتجنب كذالك عواقب الارتجالية في اتخاذ القرارات، فالقرار إن بني على دراسة وتأن والتماس لمصلحة المواطن فظهرت جدواءيته فلا سبيل إلى إلغاءه مهما كانت الضغوط والمناشدات، وإن بدا غير ذالك فلا سبيل إلى اعتماده وتبنيه مهما كانت أيضا الدوافع والمؤثرات.

من هذه الا سئلة التي تتبادر إلى الذهن : لماذا لعيون وليست كيفة مثلا؟ فهي اكثر كثافة وتقع على بعد متقارب من غالبية ولايات الوطن إذ تقع في وسط البلاد نسبيا بالاضافة إلى أنها ثاني اكبر المدن بعد العاصمة. لماذا جامعة بكاملها وليس فرع فقط أو كلية تدرس من خلالها إمكانية تطبيق اللامركزية التعليمية على نية توسيع المشروع إن نجح من خلال ذالك الفرع او الكلية، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار عجز مقاطعة لعيون كغالب مقاطعات الوطن عن تأمين التعليم الابتدائي والاعدادي الثانوي أحرى الجامعي. ثم السؤال الاهم لماذا المعهد العالي للدراسات الاسلامية وليس كلية القانون أو الاقتصاد مثلا ... ولماذا لا يُسبق القرار بآخر ينص على بناء سكن داخلي أو تخصيص منحة لمختلف الطلاب الذين سيفصلهم طلب العلم عن ذويهم ؟...

يعتبر المعهد أحد أهم الصروح الدينية والاسلامية المهمة التي تحوي كادرا لايستهان به من الدكاترة والطلبة النجباء الذين يلعبون دورا بارزا في الحفاظ على الوجه الناعم للجمهورية الاسلامية الموريتانية والذي اكتسبت به شنقيط سمعتها في الآفاق رغم ما يكتنفه من سوء سمعة نتيجة لسوء التسيير تحت ظل وزارة التوجيه الاسلامي.

وتكمن خطورة أسرة المعهد العالي من الطلبة والاساتذة في كونهم قوم درسو العلوم الاسلامية من منابعها الاصلية نقية لاتشوبها شائبة، ثم التحقو بالمعهد فعملوا على عصرنة علومهم وربطها بالأدوات الحديثة فكانت النتيجة أن فهموا توظيف الدين في حياتهم اليومية أحسن توظيف عن ثقافة ووعي بمايدور في العالم العربي من حولهم.

ولذا كان من الضروري إبعاد ما تبقى من الصرح الديني الوحيد بعد نهش وزارة التوجيه الاسلامي له، عن مركز القرار بالعاصمة وخاصة بعد ماشاع ويشيع من دور الفكر الاسلامي في تحريك الشعوب في تونس ومصر وبقية العالم العربي... والنتيجة يمكن من خلال قراءة إستشرافية لما بعد التحويل تلخيصها في النقاط التالية:

اولا: تخلي العديد من الكوادر البشرية العاملة في المعهد والتي هو بأمس الحاجة إليها كجامعة حديثة النشأة، بسبب أعمالهم المختلفة في العاصمة والتي لم يغنهم راتب المعهد عنها يوما. وبما أن العاصمة هي المكان الوحيد الذي تتاح للمواطن فيه آفاق للتكسب فلن يغامر غالب الأساتذة بالتفريط فيها.

ثانيا: تسيب الكثير من الشباب الدارسين في المعهد بسبب نفس العامل الاقتصادي، وبعد الشقة، فالمدن الداخلية ليست كالعاصمة حيث يتواجد الشعب الموريتاني بمختلف اطيافه بسبب المركزية الادارية. وعليه فلن يعدم الطالب أو الطالبة أحد ذويه في العاصمة بينما العكس في المدن الداخلية.

ثالثا: إستحالة ارتياد الكثير من الطالبات للدروس في الجامعة الجديدة أوحصرهن له على الحضور زمن الامتحانات وعليه تعرض مشوارهن الدراسي للخطر. وعندها يتحكم لوبي في إدارة الجامعة الجديدة مستغلا بُعدها عن مركز القرار وتبدأ عندها مواقع الأخبار تطالعنا يوميا بجديد الخلافات بين أساتذة جامعة المرابطين في مدينة لعيون ... وهكذا يذبل دور المعهد النتويري ويذبل حتى ييبس... !

نعم للامركزية الادارية والتعليمية والسياسية ونعم لتقاسم جميع المدن الداخلية المرافق العمومية مع العاصمة ولكن لا للبداية بالمعهد العالي للدراسات الاسلامية. وعليه فعلى جميع الحركات النقابية والفاعلين السياسيين الحيلولة بكل ماأوتو من قوة دون تطبيق القرار أو على الاقل، إن كان ولابد من تطبيقه، فتهيئة المدينة لإستقبال هذا الصرح وتهيئة الظروف لذالك ببناء أحياء داخلية للطلاب وضمان منحة معتبرة للمسجلين في الجامعة الجديدة.
Wednesday, April 6, 2011 at 1:40pm

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire