شهدت الساحة الجامعية يوم الاربعاء اثناء انتخابات التمثيل الطلابي في مجالس الكليات ومجلس إدارة الجامعة مايمكن ان يوصف بالمأساة. حيث انهال بعض الطلبة على إخوته ضربا بالعصي والحجارة وقضبان الحديد والكراسي في حادثة تذكر بموقعة الجمل في ساحة التحرير اثناء الثورة المصرية.
وهيمن التفسير الفكري والتأويل الايديولوجي منذ البداية على التصريحات الواردة من عين المكان : الافارقة الزنوج و القوميون العرب يعتدون على الاسلاميين بإحراق احد مكاتبهم بشكل تام وضرب انصارهم مما اسفر عن إصابات وصلت إلى حد تكسير الاسنان. تثير هذه الاحداث في الاذهان العديد من الاسئلة التي تحتاج إلى اكثر من قراءة للواقع الفكري الموريتاني وعلاقته بالواقع السياسي،فمن السذاجة تبرئة اليد السياسية الخفية والفاعلة مما يدور اليوم في المرافق التعليمية. إضافة إلى أن المشهد الجامعي والطلابي لايعدو كونه صورة مصغرة للمشهد السياسي المحتقن هذه الايام.
يعتبر المسؤول الأول والأخير عن هذه الأحداث هو الحكومة ممثلة في "رئيس الفقراء" الذي أعطى بمواقفه وتصريحاته الضوء الاخضر "لبلطجية" التيارات الفكرية في الجامعة للتطاول على القمم الشامخة المتمثلة فيمن يحملون الفكر الملتزم .. والمسؤول .. الفكر الاسلامي. وليسمح لي الاخوة في النقابة الوطنية لطلاب موريتانيا والضالعين من الاتحادات والنقابات الأخرى في الاعتداءات بتسميتهم "بالبلطجية" فلم تدع لي تصرفاتهم حرية الاختيار. فعندما تحمل أعمدة الحديد والحجارة وبقايا الاسمنت لتوجهها إلى وجه أخ لك في النضال وكان من المفروض لولا السياسة، أن تتقاسما نفس الهموم والطموحات، فاسمح لي أن أطلق عليك "بلطجي". عندما تحركك أياد خفية وتستجيب لغرض في نفسك أو لحظوة دنيوية قد تنالها متجاهلا مصالح السواد الاعظم من طلبة الجامعة المناضلين والاحرار... فاسمح لي أن اسميك "بلطجي".
واسمحوا لي أيها القراء قبل مواصلة المقال أن العن السياسة والحياة كلها إن لم يقدها تعقل وموضوعية وإيثارللمبادئ على المصالح. إن ماجمع القوميين والزنوج أو القومية والعنصرية في صف واحد ضد الاسلاميين لقمين أن يجمع الطلبة بمختلف اطيافهم صفا واحدا ضد المخطط الممنهج الساعي الى الهيمنة على الجامعة بما فيها ومن فيها، مع مافي ذالك من قدسية النضال ونبل المهمة. وبالعودة إلى أحداث الاربعاء الدامي كما اصبح يطلق عليه فإن قراء سريعة للسياق العام الذي وقعت فيه قد تساعدنا على فهمها اكثر.
أما فيما يتعلق بالقوميين فتصدق فيهم مقولة الفضيل بن عياض "ارحمو عزيز قوم ذل" فقد حضر رمزهم أجلُه وهو الآن يحتضر في باب العزيزية وما أرى مصيره إلا أسوأ من مصير سابقيه إن شاء الله. وقد أستغلت تلك الايادي الخفية وبدافع هذه النقطة بالذات بعض الطلبة الذين يظهرون تعاطفا تجاه نفس الفكر لتأليبهم ضد إخوتهم في النضال و شاي مقاهي الكليات وفي معاناة الطوابير أمام المطعم الجامعي وأيام صرف المنح... وليحققو بذالك إحدى تجليات معارضتهم للاسلاميين.
كذالك أستُغل إخوة لنا آخرون من طرف فاعلين همهم الوحيد هو زرع الفرقة في المجتمع الموريتاني والمتاجرة ببعض القضايا الرابحة اليوم عالميا وملئ جيوبهم بريعها في حين لايجد الطالب المسكين في جامعة العذاب والهموم الانسانية أيا كان لونه أو فكره من يؤمن له أي حق من حقوقه كالنقل مثلا، ولاينبئك مثل خبير.
أليس من العدل والانصاف احترام اختيار الغالبية من طلاب الجامعة الذي عبروا عنه من خلال صناديق الاقتراع والتي تعد من أهم مظاهر الشفافية؟ وهل تكفي ملاحظتان في مكتبين فقط من أصل ستة عشر مكتبا لأحراق الممتلكات العامة والاعتداء على الافراد إلى درجة أن ينقل بعضهم فورا إلى المستشفيات؟ خاصة وأن لجنة يرأسها نائب عميد كلية الآداب شكلت لتسوية الوضع.
والحق يقال إن مواقف الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا ممثلا في أمينه العام محمد سالم ولد عابدين لتنبأ عن صواب اختيار الطلاب لمن ارتبطت اسماؤهم في أذهان الاجيال المتعاقبة على تلك الجامعة بالنضال وارتسمت صورهم في اللاوعي الطلابي وهم على المنابر ينددون أيام المحن والشدائد وأمتلأت قواميسهم اليومية بعبارات من قبيل تعميم المنحة على جميع الطلاب وتوفير النقل وتحسين الخدمات الجماعية ...
أما إن كان مايجمع القوم هو بغض الاسلاميين لاغير، فإننا ننصحهم:
ياناطح الجبل العالي ليوهنه اشفق على الرأس لاتشفق على الجبل
فالطالب الموريتاني المثقف والملتزم والمعتز بانتمائه لن يختار إلا من يحافظ له على مبادئه وهويته ولن يصوت إلا لمن أثبت من خلال التجربة جدارته لأهلية تلك المسؤولية ولا أدل على ذالك من فوز الاتحاد الوطني الكاسح في كلية الطب على خصومه الذين وافق ما صدر منهم ظن الطالب الموريتاني في عدم الأهلية لتمثيل خمسة عشر الف طالب في الجامعة.
ولاشك ان للحكومة دورا لا يخفى في تشجيع الجراءة على الاسلاميين من خلال المواقف والاحكام التي تصدر عنها من حين لآخر بدأ بتقزيم فاعلية العلوم الانسانية في بناء الأمم ومرورا بقرار إبعاد المعهد العالي عن مركز القرار واتنهاء بالحكم على جميع الاسلاميين بالخروج من مشكاة الارهاب والتطرف.
وفي الاخير، إذ أؤكد على أن الحرم الجامعي يجب ان يبقي بعيدا عن الصراعات الفكرية والايدلوجية وأن الطلاب أسمى وأنبل من أن يمتطوأ كصهوات لتحقيق الأهداف والمآرب ..أؤكد ايضا أن الحركات الفكرية التي أتخذت الإسلام منهجا لها وسبيلا تغفوا ولاتنام وتذبل بالقمع والتهميش ولاكنها لاتموت
Friday, April 22, 2011 at 10:01am
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire