dimanche 8 mai 2011

ما الذي ينتظره مبارك...؟


في ثورة لم تعرف أرض كنانة مثيلا لها منذ ثلاثين عاما، خرج الشعب المصري ليقول كلمته "الشعب يريد إسقاط النظام". تعددت العبارات واللهجات لكن المضمون كان هو نفسه "لا نريد حسني مبارك رئيسا لمصر"، فهم الرئيس الرسالة غير أنه تجاهلها... لكن الشعب المصري وقد خرج بكبيره وصغيره، بغنيه وفقيره اتحد رغم اختلاف مشاربه الفكرية على طرد الرئيس..فما الذي ينتظره الرئيس...؟

فالشارع قال كلمته..!

مخطئ من ظن أن الشعب المصري سيرضى بعد الآن بحكم من سامه الذل والهوان والقهر لأكثر من ثلاثين سنة. قد خرج هذا الشعب الأصيل من دمياط إلى أسوان ومن الإسكندرية إلى سيناء ليضرب موعدا مع التاريخ في 25 يناير 2011 وقد جثى التاريخ في ميدان التحرير ليسجل مرور ثورة مصر بنفس الأحرف الذهبية التي دون بها ثورة تونس. لقد تنازل مبارك في ظرف أسبوع واحد من الطوفان عما لم يكن ليتنازل عنه ولو أمضى بقية عمره في الحكم، ففي اليوم الأول من الثورة المباركة عيَن نائبا لرئيس الجهمورية، وهو المنصب الذي بقي شاغرا منذ توليه الحكم، وأستغفر الله من عبارة رئيس الجمهورية، فلا رئاسة لمن لم تتحق فيه شروط الشرعية والتي من أهمها:

أولها، رضى الشعب عن الحاكم وقبوله به وهو ما فقده مبارك تماما بعد خروج الشعب ضده بنسبة 99% وهي النسبة التي اعتادت أن تفرزها صناديق الاقتراع والتي بقيت بدورها شاهدة على التزوير الذي حافظ به مبارك طوال هذه السنوات على كرسيه.

وثانيها، هيبة واحترام الحاكم وهي صفا ت تلاشت بعد غياب حاجز الخوف عن قاموس المصريين الذين أخرجهم تراكم ثلاثة عقود من الكبت والظلم والقهر والحرمان.

وفي اليوم الثاني، كُلف رئيس الحكومة بتشكيل حكومة جديدة ومحاولة انتقاء شخصيات يرضى عنها الشارع لإضافة طبقة شفافة من ماكياج التجميل لتحسن من صورة وجه أنهكته التجاعيد، فإذا بالنظام، وقد مضى يومان فقط، يسقط في يده وتختلط أوراقه ويتداعى بنائه وتسود الدنيا في عينيه وتضيق عليه الأرض بما رحبت...


والغرب قال كلمته..!ليس الغرب ساذجا ليفرط في ثغر من أهم ثغوره، وهو البلد الذي يصدر الغاز لإسرائيل بنسبة تسد 40% من حاجتها وبسعر زهيد، بلد يتمالئ معه على كل مصلحة تتعلق بالعرب المسلمين...ونحن لا ننتظر منه ذالك. وقد تسابق منذ بداية الثورة إلى المنصات كل من باراك أباما وهلاري كلنتون في نشاط لم نشهده في ثورة تونس ـ ربما لأهمية مصر الجيوسياسية !ـ كي يصيحوا بذالك الخطاب اليوطوبي الذي يدعو لإحترام رغبة الشعب وعدم التعرض لحقوق الإنسان وحرية التعبير... وليخرج علينا وزراء إسرائيل بعد ذالك وقد ارتعدت فرائصهم وهم يحشدون الدعم فمبارك لا يمكن أن يسقط، فسقوطه يعتبر صدمة للغرب وعليه لا نستغرب منه أن يحاول قدر الإمكان أن يئد الثورة في مهدها، فإن لم يستطع ـ ولن يستطيع ـ وكان لابد من إسقاط النظام فإنه لن يألو جهدا في تحديد الخليفة المناسب الذي سيواصل السير على نفس النهج، ولن يعدموا ذالك البديل فهناك عمر سليمان ومحمد البرادعي.

أما عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية فهو منافس عنيد لمبارك حتى أن الغرب قد يفضله على مبارك نفسه، فهو يمكث في إسرائيل أكثر مما يمكث في مصر. أما البرادعي فهو حصيلة تكوين غربي ل 25 سنة في أروقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، 12 منها مديرا عاما للوكالة ذاتها. ولم نعهد منه مواقف مشرفة تجاه العرب المسلمين وما قضية الأسلحة النووية في كل من العراق وإيران منا ببعيد، وإنما عهدناه متفان في خدمة الولايات المتحدة الأمريكية ومن حذى حذوها حتى توج تكريما له على جهوده بجائزة نوبل للسلام عام 2005.

إذن هاهو الشعب المصري يجعل الغرب في وضع لا يحسد عليه، ويخيره بين أمرين أحلاهما مر، أيكشف عن نواياه السيئة تجاه العرب والمسلمين ويدعم مبارك جهارا كما فعل سرا في بداية الثورة؟ أم يواصل نداءاته الشكلية في الدعوى للحرية واحترام حقوق الإنسان والتي هو منها براء براءة الذئب من دم ابن يعقوب ... فلله دركم ياأبناء الكنانة.


و علمنا من أحرق كنيسة الإسكندرية..!لقد كشفت ـ بما لا يدع مجالا للشك ـ تصرفات مبارك تجاه شعبه الأعزل خبث نيته وسوء طويته ومحاولته جاهدا أن "يستفيد" من الدرس التونسي. وقد خرج عشية اليوم الثالث من الثورة بوجه لا يخفي ما يعتري حامله من هلع وخوف مؤكدا تمسكه بالكرسي متجاهلا بذالك أصوات الملايين التي خرجت لتفقده الشرعية وتضع حدا لفترة من أحلك الفترات في تاريخ مصر.

لما تيقن النظام أن الشعب مسقطه لا محالة لجأ إلى أساليبه الطفولية والتي لا تنطلي على أحد، فبدأ بتسريح جموع من أسرى الحق العام ليعيثوا في الأرض فسادا بغية شل نشاط المتظاهرين وبث الرعب أوساط الشعب، لكن اللجان الشبابية كانت له بالمرصاد وسيطرت على الوضع. ومن تلك الأساليب حرمان الشعب كله من خدمات الاتصال سواء بالهواتف أو المواقع الاجتماعية (الفيسبوك وأتوتر) التي لعبت دورا هاما في إنجاح ثورة تونس ثم ثورة مصر بعد ذالك ـ إن شاء الله ـ. هذا بالإضافة إلى سياسة التكتيم والتعتيم التي تمثلت في الاعتداء على الصحفيين وسحب التراخيص وإغلاق مكاتب وسائل الإعلام التي تنقل ما يجري على الأرض كقناة الجزيرة.

لم يكد الشعب المصري يفيق من أثر صدمته حتى فوجئ بمشهد مستوحى ـ ربما ـ من الدراما المصرية، جمال وأحصنة وقنابل وصخور تخترق الحشود المجتمعة في ساحة التحرير لتضيف لائحة أخرى من الشهداء إلى اللوائح التي خلفتها سيارات عسكرية تدهس المصريين وكأنهم حصيات رمل متناثرة على طريق سريع لا تغض لسائق مضجعا. كل هذا إذن يجعلنا نشك بل ونعتقد أن مبارك واستخباراته كانوا وراء تفجيرات الإسكندرية وأعمال أخرى من ذالك القبيل الهدف منها الوقيعة بين مسلمي مصر وأقباطها.


فما الذي ينتظره مبارك؟؟؟

لقد اتضح اليوم لمبارك وحاشيته وللغرب وزبانيته أن الشعب المصري ماض في تحقيق هدفه، بل الحد الذي وصلت إليه الثورة يجعله من المستحيل التراجع دون طرد مبارك وفلوله وتطهير أرض مصر الطيبة من روائحهم النتنة. إنه لا يخفى ما جند من "البلطجيه" وما أستخدم من أساليب لتثبيط الهمم وقتل روح المبادرة لدى الشعب الأبي البطل، كما لا تخفى تمثيلية ازدواجية المعايير التي يتقاسم أدوارها الجيش بكل أطيافه.

الآن وقد اتضح أن مبارك لا يريد الرحيل بالتي هي أحسن وأن الجيش ـ وإن كان يظهر الحياد ـ يضمر دعمه للرئيس، فما ينبغي فعله هو اغتنام عامل الوقت ومحاولة استغلال قوى الثوار بدل استنزافها هباء، ثم التوجه مباشرة بعد اجتماع الملايين المدعوة ـ إن شاء الله ـ يومي الأحد والثلاثاء المقبلين إلى مباني التلفزة والإذاعة والسيطرة عليهما وجعلهما منبرا يسمع منه الثوار كلمتهم ويؤكدوا من خلاله طلباتهم لمن لم يستوعبها بعد، ثم التوجه بعد ذالك مباشرة إلى قصر العرب حيث يوجد الرئيس وعندها سيكون على الجيش أن يختار موقعه، إما أن يكون مع النظام البائد أو مع الثورة المشروعة، بعدها نحتفل ونشرب "الشربات" ابتهاجا بنجاح الثورة المصرية ونضع الجمانة المصرية إلى جانب أختها التونسية في انتظار اكتمال العقد
 Sunday, February 6, 2011 at 1:26am

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire